سلوفاكيا تنتصر لروسيا الإتحادية
د.حسام العتوم
04-10-2023 10:26 AM
بعد فوز (روبرت فيتسو) رئيس وزراء سلوفاكيا في الانتخابات البرلمانية مؤخرا بتاريخ 1/10/ 2023 و بأعلى الأصوات و التي وصلت إلى 22،9 % ، وهو الموالي لروسيا، تكون سلوفاكيا إنتصرت فعلا لروسيا وحققت ضربة نوعية للتحالف الغربي الأمريكي الملتف بطريقة غير مشروعة وغير قانونية حول موقف العاصمة الأوكرانية " كييف " في حربها و الغرب ضد سيادة روسيا بحجة حماية سيادة أوكرانيا التي أضاعت كل فرص الحوار مع موسكو المباشرة و عبر إتفاقية ( مينسك) ، و ذهبت تجمع السلاح و المال الأسودة و بقيمة نقدية فاقت ال 200 مليار دولار ، و هو الموضوع الذي تجاوز الدفاع عن سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها ليتوجه لتضييق الخناق الاقتصادي ، و السياسي ، و العسكري، و اللوجستي ، و لديمومة الحرب الباردة و سباق التسلح ، و لتشويه صورة روسيا الذهنية عالميا عبر تضخيم الأخبار و نشر الأكاذيب و الفوبيا الروسية الهادفة ، و سلوفاكيا تتمتع بموقع جيو سياسي وسطي في قلب أوروبا ، و الاتحاد الأوروبي ، و حلف ( الناتو ) ، وفي عمق تاريخها المعاصر قبل الانفصال شكلت جزءا من المنظومة الشرقية ومن حلف ( و ارسو ) ، ومن غير المستبعد أن تعمل أمريكا رأس حربة الغرب على وضع عيونها على التحول السياسي السلوفاكي الجديد تجاه روسيا، وقد تكرر ببطء حالة أوكرانيا في زمن الثورات البرتقالية و إنقلاب " كييف " عام 2014 الذي أطاح بآخر رئيس أوكراني موالٍ لروسيا مثل فيكتور يونوكوفيج ، وقبل ذلك حتى في عهد ليونيد كوجما ، و المعروف هو بأن الولايات المتحدة الأمريكية لا تنام ما دامت روسيا الاتحادية مستمرة في نهوضها ، و قيادتها لعالم متعدد الأقطاب مناهض لأحادية القطب الغربي – الأمريكي .
ولقد نافس نجاح روبرت فيتسو عن حزب الاتجاه الديمقراطية اليساري ،حزب سلوفاكيا التقدمي الليبرالي الموالي لأوكرانيا و حصل في الانتخابات البرلمانية على 9، 17% من الأصوات ، وما دعم توجه الحزب الديمقراطي الفائز موقف هنغاريا – المجر في الجوار و التي أوقفت ضخ السلاح لأوكرانيا و هو ما سيفعله روبرت فيتسو الفائز ، و مطالبة سابقة ساخن للاتحاد الأوروبي للانفصال عن أمريكا تعزز الموقف الأوروبي غير المقتنع بقيادة أمريكا للحرب الأوكرانية بالوكالة، وها هي روسيا تحقق إنتصاراتها الكبيرة في المجالين الديمقراطي ( عبر صناديق الاقتراع في الأقاليم الأوكرانية السابقة ) ، و المجال العسكري وسط أرض معركة العملية العسكرية الخاصة الإستباقية التحريرية الدفاعية ، و تحرر أقاليم ( القرم ، و لوغانسك ، و دونيتسك ، و زاباروجا ، و خيرسون ) و هو الانتصار الذي وصفه الرئيس بوتين بأنه جعل روسيا أكثر قوة من أي وقت سابق .
لم تقتنع أمريكا ومعها الغرب بأن حربهم بالوكالة عبر ( كييف ) ضد روسيا بحجة الدفاع عن سيادة أوكرانيا قد إنتهت ، و لازالت ألمانيا ترسل السلاح ، و روسيا تهدد ليس بقصفه في أرض المعركة و الذي هو حق لها ، كما هو إرسال السلاح الغربي حق لهم حسب إعتقادهم ، و إنما بالنيل منه في قلب مصانعه الألمانية إن لزم الأمر ، وهو تصريح حديث لدميتري ميدفيديف نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي ، ومن خسر الحرب و يرفض السلام مثل ( الغرب و كييف ) يعتبر خاسرا للحرب و السلام معا ، و المعروف تاريخيا هو بأن تفكيك الاتحاد السوفيتي عام 1991 إرتكز على إتفاقية عدم التوجه لعقد تحالفات خارج المنظومة السوفيتية السابقة ، وهو الذي لم تلتزم به أوكرانيا – كييف ، وأعادت روسيا إقليم ( القرم ) لعرينها ، و الذي تعتبره أحقية تاريخية منذ الحرب الروسية - العثمانية الثانية في زمن القيصر يكاتيرينا الثانية 1774/ 1768 رغم إلصاق الزعيم السوفيتي نيكيتا خرتشوف و الذي أصله أوكرانيا للقرم ضمن سيادة أوكرانيا و مكث هناك وحتى في زمن الرئيس بوتين ( 60 ) عاما بين عامي 1954 و 2014، و دخلت روسيا إلى الدونباس في عمليتها العسكرية مرتكزة على مادة ميثاق الأمم المتحدة رقم 751 التي تخول الدولة المعتدى على سيادتها مثل روسيا الدفاع عن نفسها ، وهو ما حصل بين عامي 2022 و 2023 .
تشتهر سلوفاكيا بصناعة السيارات ، وهي منطقة جبلية ، ونهر الدانوب يخترق وسطها ، وهي من عارضت العقوبات الغربية الأقتصادية لروسيا ، و اعتبرت دعم الناتو للحرب الأوكرانية تقويض لسيادة أوكرانيا الوطنية ، و رئيسها المنتخب حديثا و الفائز – روبرت – سبق له أن قدم إستقالته بسبب إغتيال الصحفي الإستقصائي يان كوتشياك ، و في البلاد السلوفاكية 40% متأثرون بالدعاية الغربية الإعلامية ( الفوبيا ) ويعتقدون بأن روسيا مسؤولة عن الحرب ، مقابل 60% لا يعتبرون ذلك و يعفون روسيا من مسؤولية بدء الحرب ، و أعلنت سلوفاكيا بأنها لن ترسل رصاصة أخرى لأوكرانيا ، وهي دولة عضو في (الناتو ) منذ عام 2004، و تعداد سكانها خمسة ملايين ونصف المليون نسمة ، في عام 1938 إستقلت سلوفاكيا عن تشيكو سلوفاكيا وفق معاهدة ( ميونيخ ) ، وتعتبر سلوفاكيا حظر الحبوب قرار للاتحاد الأوروبي ، و لا بد لإتفاقيته أن تكون عادلة بمشاركة كل الأطراف الروسية ، و الأوكرانية ، و الغربية ، و أمريكا .
مهم جدا أن يستوعب الغرب المتسلح بحلف ( الناتو ) المعادي لروسيا ، بأن روسيا لم تخترق القانون الدولي ، ولم تذهب إلى أوكرانيا محتلة وهي تمتلك أكبر مساحة في العالم ، أكثر من 18 مليون كيلومترا مربعا ، و لا تمارس العدوان ، و لا تحارب الأوكران ، و إنما إستشعرت تحرك المؤامرة صوبها بين عامي 2014 و 2022 و قبل ذلك ، وهي من رصدت الثورات البرتقالية و مشاركة الغرب الأمريكي فيها ،و أجهزتها اللوجستية ، و ترجمت إنقلاب " كييف " الدموي غير الشرعي بإعتباره موجها ضد وجودها عبر الأراضي الأوكرانية و داخلها، و فهمت بأن هدف أمريكا هو تحريضي ( لكييف ) و لعواصم الغرب ، و لديمومة الحرب الباردة و سباق التسلح ، و لاستنزاف روسيا إقتصاديا ، و تعرف روسيا ، و هي الدولة العظمى فوق النووية بأن الغرب النووي السلاح أيضا لا يجروء على خوض حرب نووية ثالثة مدمرة للحضارات و البشرية ، و الخط الساخن بينهما ماثل وآمن ، وما حققته روسيا من إنتصارات عسكرية على مستوى إعادة الأقاليم الأوكرانية الخمسة لسيادتها و سياسية عبر قيادة عالم متعدد الأقطاب ، يصعب على الغرب فعل عسكه ، أو تحقيق إنتصار على روسيا عسكريا أو سياسيا ، وها هو الغرب يراوح مكانه رغم مرور عام و نصف العام على بدء العملية / الحرب ، و المراهنة على " كييف " من قبل الغرب فشلت ، و مراهنة الغرب على تحقيق نجاحات عسكرية و سياسية فشلت، و العالم شرقا و جنوبا أصبح أكثر قناعة بأن روسيا محقة في توجهها العسكري و السياسي، وبأن حل الأزمات الدولية لا يتحقق إلا عبر مؤسسات القانون الدولي الكبيرة ( الأمم المتحدة ، و مجلس الأمن ، و المحكمة الدولية ، وحقوق الإنسان ، ومحكمة الجنايات الكبرى ) قبل إختراقها من قبل أمريكا تحديدا ، و في نهاية المطاف لا يصح إلا الصحيح ، وسلام ضعيف خير من حرب مدمرة ..