المطاعيم والسؤال الآخر ..
محمد حسن التل
03-10-2023 04:20 PM
السؤال الذي يجب أن يطرح فورا وسط اللغط حول مطعوم الحصبة الذي يخضع للمد والجزر بين مؤيد ومعارض لإعطائه لمستحقيه ، ماذا لو لم تقم الحكومة بشرائه وأهملت الموضوع ، ماذا سيكون موقف الذين يهاجمون الآن إعطائه للطلبة ..
سيقيمون الدنيا ويتهمون الحكومة بالتقصير والإهمال وتعريض الأطفال للخطر .
ما وقع من صراخ "وزعيق " حول المطعوم من كثيرين لا يملكون أي معلومة علمية حول هذا المطعوم ، وأخذوا موقفا من أجل الإثارة وتهييج الرأي العام وتضليله ، يشير إلى الفوضى أولا في وسائل التواصل المفتوحة على تهافت الآراء والتقييمات الركيكة ، والأخطر من ذلك أن وسائل إعلام مختلفة تمكن هؤلاء الذين يدعون أنهم خبراء أن يمارسوا جهلهم أمام الجمهور الذي يتأثر بنسب كبيرة أحيانا بآرائهم التي لا تستند لأي أسس علمية .
قصة الخبراء هذه تدعونا للحديث عن ظاهرة لطالما حذرنا منها مرات عديدة ، فقد ملأ هؤلاء وسائل الإعلام ، وهم يتحدثون بكل أمر تحت مسمى خبير ، ولا أحد يعلم من سمح لهؤلاء أن يطلقوا على أنفسهم صفة خبير ، ومن هي الجهة التي أعطتهم هذا التصنيف ؟!
الخبير عادة ما يكون قضى في مجال اختصاصه عشرات السنوات وأجرى مئات الأبحاث حتى يستطيع أن يحصل على صفة خبير سواء من جامعة أو هيئات كبرى مخولة بإعطاء هذا الوصف ، نحن في الأردن ليس لدينا على حد علمي جهة مخولة بإعطاء هذا الوصف فاختلط الحابل بالنابل وأصبح الكثيرون يتحدثون بهرطقاتهم تحت صفة خبير ، ولطالما أوقع هؤلاء الناس في الارتباك سواء على مستوى التفكير أو على المستوى الإجرائي ، ولطالما عطلوا الكثير من المشاريع الوطنية التي تأتي لخدمة المواطن ، وهذا الوضع يذكرنا بقصة الدكتوراة الفخرية التي كانت عند الكثيرين بوابة للتزوير والاحتيال ، وقد آن الأوان للجهات الرسمية المعنية أن تمنع كل من يطلق على نفسه صفة خبير وتتم مساءلته كيف حصل على هذا التصنيف والوصف ومن خوله باستخدام هذه الدرجة المهنية والعلمية ، وبالعودة إلى موضوع المطاعيم ، هل هناك عاقل يصدق ويقتنع أن الحكومة وأي حكومة في العالم تستورد دواء أو مطعوم تضر بمواطنيها ويؤدي بهم إلى الهلاك ، حتى الكثيرون ممن يهاجمون المطعوم الذي يدور حوله النقاش يعلمون جيدا هذه الحقيقة ، لكنهم يصمون آذانهم ويغمضون أعينهم لإشباع رغباتهم في الظهور أمام الناس ليهرفوا بما لا يعرفوا .
بالطبع هناك اصحاب أراء محترمة تظن انها على صواب هؤلاء يمكن مناقشتهم واقناعهم او حتى الوصول معهم الى حلول..
لقد بات أمر الخبراء المزعومين يتعدى الخطوط الحمراء ويهدد الأمن المجتمعي في كثير من الأحيان كصورة مماثلة لما جرى في سنوات وباء الكورونا ، فالمواطن العادي عندما يستمع لأحدهم يتحدث تحت صفة خبير يكون في مخيلته أن هذا المتحدث من المؤكد أنه يملك الحقيقة ، ولا يستطيع أن يميز بين الحقيقي والمزيف .
مسؤولية وسائل الاعلام الآن عدم السماح لأي شخص يدعي أنه خبير الظهور على صفحاتها أو شاشاتها ، ومطلوب من الجهات الحكومية المعنية أن تلاحق كل من يدعي أنه خبير في مجال ما ليثبت أنه بالفعل مخول بهذه الصفة ، ويؤشر على الجهة التي خولته لاستخدام هذه الصفة .
أما وسائل الاتصال الجماهيري فالقضاء كفيل بملاحقة كل مدع يتربص بأمن المجتمع من أجل شهرة زائفة .
مطعوم الحصبة ضرورة لازمة ، وكل أب أو أم عليهم واجب المبادرة بإعطائه لأبنائهم ، حتى لا يندموا يوم لا ينفع الندم ساعتها لن يفيد أحد حديث خبير زائف أو صاحب اختصاص مزور ، ويبقى السؤال مفتوح أمام رواد الفوضى ، ماذا لو لم توفر الحكومة المطعوم !!!