انشق البحر، واهتزت الارض، عندها فقط ادرك فرعون ان “اله موسى” قد انزل به العقاب، فاين هامان واين الطغيان، لقد نجا ببدنه ليكون عبرة ....."فقط لمن يعتبر".
كانت الساعة الحادية عشرة صباحا هنا، وصلت درجة الحرارة في الخارج الى -18، لكنها كانت بدرجة الغليان او ادنى بقليل في غرفة الجلوس، كان الترقب سيد الموقف، ودعاء الا لعنة الله على المفسدين. فكان الخبر المفاجأة، الخبر المتنظر منذ ثمانية عشر يوما، اخيرا..لقد تنحى، او على الاصح تمت تنحيته. انزاح الهم عن صدر الشباب الذين غيروا صورة مصر التي تعودناها على مدى ثلاثين سنينا. في تلك اللحظة اختلجت في النفس مشاعر شتى واختلطت دموع الفرح بالشجن ومر شريط امام عيني في ثوان.
عندها لمع في رأسي سؤال خرج من رحم تلك المشاعر المختلجة "من سيدعو لك يا مبارك"؟ في ثوان فقط، تذكرتهم، الف وخمسمائة شهيد سقطوا في شهر واحد، حين اختار ان يكون هو والغاصب وبرد الشتاء لارواحهم بالمرصاد. هو من دفعته ذنوبه للبحث عن طريقة يؤمن بها لنفسه مخرجا كريما، خروجا كريما لم يعط الغزيين الفرصة لاقتنائه في رحلة الخروج الدنيا. حين وقفت "ام علي" في برد كانون القارس، على ابواب معبر رفح تذرف دموعا حارة، تدعو الله ان تفتح بوابة "الحياة" الصغيرة تلك، لعلاج ابنها المريض الذي حاصره الحصار ففقد الدواء والعلاج. بوابة الحياة لم تفتح ومات "علي" على البوابة، على بعد امتار ربما من المستشفى، فعادت به جثة هامدة تركت نبضها على بوابة رفح. بت الان تبحث عن باب يفتح امامك بعد ان سدت الابواب تماما كما سددتها بوجه الف "ام علي" تنتظر فتح باب المعبرـ حين عادت وكثيرين غيرها من الغزيين صفر اليدين وملأى العيون دموعا، وقلوبهم تنزف دعاء عليك.
كلنا نعرف تلك الدموع والحسرات وكلنا جربها يوما ما، لظلم ظالم او فقد عزيز. وقفت "ام علي" تتوسل اذنا للسماح لها بالمرور، للسماح لأم ان تبقي قطعة من قلبها ينبض بالحياة، لكن رجل "الامن" رفض بفعل اوامر عليا عصية عن الرحمة، فما تعتقد انها فاعلة اليوم يا مبارك؟.
من سيدعو لك يا مبارك؟ بعد ان حرمت نفسك من الترحم عليها والدعاء لها من كل الفقراء و المساكين والمحتاجين بعد ان علمهم ظلمك آداب الدعاء على الظالم. من سيدعو لك، ها هي دعوات الوالدة "امريكا" لم تجدي نفعا ولا دعاء بني صهيون وجد الاجابة. اتساءل دعاء من ذاك الذي اصابك يا مبارك؟ دعاء الام أم الاب أم دعاء الجوعى في غزة ممن سددت عليهم حتى باب الخبز وجرمتهم لتهريبهم حليب الاطفال عبر الانفاق، ام هو دعاء الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني حين افشلت القمة العربية العاجلة في قطر عند الحرب على غزة حين قال بوجع "حسبي الله ونعم الوكيل".
باسم الاطفال الذين لم يكبروا ليصبحوا شبابا كشباب مصر الثائر، باسم ام ثكلى واب فقد ابناءه الثلاثة اوالاربعة واخر فقد اسرته، باسم خالد سعيد ومئات خالد سعيد سلموا ارواحهم لبارئها تحت سياط جلاديك، باسم امهاتهم وابائهم وعوائلهم، باسم كل من جزت اعمالك رقابهم بدم بارد على معبر رفح وداخل غزة وفي سجون الباستيل المصرية بل وفي مستشفياتها يا مبارك، حسبي الله ونعم الوكيل.
تحتاج ام علي ومحمد وجوزيف وسلامة وملايين الامهات اعمارا كثيرة لتنسى كل منهن ابنا لها او زوجا. هل يا ترى سيسامحك من حرم نعمة الحياة الكريمة واكتفى بسماع قصص عن الكرامة والحياة الكريمة؟ هل سيسامحك من طالهم ظلم اعوانك على يد افراد من ابناء شعبك حملت انفسهم ظلما تشربوه جرعات وراحوا يستخدمونه خارج مصر او داخلها؟! لقد نجحت وبشكل استثنائي في تصدير الفساد بمختلف انواعه والوانه الى العالم على يد من ولدوا وتربوا على يد نظامك وعلمت بعضهم كيف يحيكوا الدسائس فغيرت تركيبة ونفسية المجتمع المصري الذي لطالما عرف بالطيبة والحب والصفات الحميدة.
اذهب مبارك وكل ظالم على هذه الارض محملين بدعاء المظلوم الذي لا يبلى ابدا فطعمه مر وفعله قاس وكله انتظار لانتقام الله من الظالم.
تنام عينيك والمظلوم منتبه يدعو عليك وعين الله لم تنم.
H_huleisy7@hotmail.com