بما ان هناك حكومة جديدة فمن المفترض ان تكون هي من يعد قانون الموازنة للسنة الحالية حتى تستطيع ان تدافع عنها من جهة, وان تضع تصوراتها لمعالجة الازمة الاقتصادية في القانون من جهة اخرى, بدلا من الاعتماد على الصيغة القديمة لمشروع القانون.
مشروع قانون الموازنة بين يدي مجلس النواب, وقد انهت اللجنة المالية لقاءاتها الخاصة بذلك قبل صدور توصياتها, الا ان مسألة قيام الحكومة السابقة باجراءات مالية لضبط احتقان الشارع قد كلف الخزينة ما يقارب الـ 440 مليون دينار وهو امر يتطلب نظرة جديدة في تبويب الانفاق العام, بمعنى اننا امام انفاق جديد, وبما ان الموازنة لم تقر بعد فان على الحكومة الجديدة سحبها من المجلس واعادة ترتيب اولوياتها من جديد. واذا كانت الحكومة معنية بمعالجة الوضع الاقتصادي بشكل يختلف عن سابقتها فان هذا يفرض عليها اعداد موازنة خاصة بها تعكس توجهاتها, اما ان تعتمد على القانون السابق فان هذا يعني ان السياسة الاقتصادية للحكومة الحالية منسجمة مع الحكومة السابقة, وهذا في حد ذاته يخلق إشكاليات من جديد لحكومة البخيت مع الشارع على اعتبار انه لا يوجد جديد في الشأن الاقتصادي.
نمو النفقات الطارئ بقيمة 440 مليون دينار على النفقات العامة المقدرة في مشروع قانون موازنة 2011 يعني ان العجز المالي للخزينة سيرتفع من 1.06 مليار دينار الى 1.5 مليار دينار تقريبا وهو امر يفرض فعليا التحرك لسحب قانون الموازنة الموجود امام مجلس النواب.
الاهم من ذلك ان هناك معطيات اقتصادية اقليمية فرضت نفسها على المشهد الاقتصادي المحلي, فتعزيز شبكة الامان الاجتماعي في الموازنة احد اهم مرتكزات استقرار المرحلة المقبلة, ويكون ذلك بواسطة قراءة جدية لارقام الموازنة وبشكل تفصيلي يوجه نحو سد الثغرات التي يمكن ان تتنامى في شرارة الاستياء الشعبي.
لا بد ان تكون هناك وقفة مراجعة حقيقية لبنود الانفاق الرأسمالي وتقييم لمخصصات الدعم في الموازنات, وان يكون هناك حوار شامل من الوزراء حول تلك المسائل حتى يتسنى الاتفاق على جملة البرامج الموجهة لضبط حركة الشارع.
هناك مبررات مهمة لرد قانون الموازنة هذه المرة بسبب وجود مخالفات ومغالطات دستورية في القانون, من ابرزها عدم تضمين موازنات الهيئات المستقلة للموازنة العامة للدولة علما انها تضاهي في انفاقها العام موازنة الدولة لسنة 2003 بعجز يقترب من ال¯ 400 مليون دينار.
كما ان الفرضيات التي بُنيت عليها الموازنة تعتبر شديدة التفاؤل خصوصاً انها توقعت نموا في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 9 - 10 بالمئة بالاسعار الجارية و5 بالمئة بالأسعار الثابتة لعام 2011 وهي نسب مرتفعة قياساً بالظروف الاقتصادية المحلية والإقليمية وضعف السيولة والقوة الشرائية للأردنيين.
المشهد الاقليمي يفرض على الجهات المعنية دراسة متأنية وعقلانية للخطة المالية للدولة من جديد توائم بين متطلبات الاصلاح المالي والاعتبارات الاجتماعية, تقرأ بعمق طبيعة وخصوصية تحديات المرحلة المقبلة.
salamah.darawi@gmail.com
(العرب اليوم)