جمال الطبيعة بين الأردن والولايات المتحدة الأمريكية
عبدالرحيم العرجان
03-10-2023 10:48 AM
مع أن كلا من المملكة الأردنية الهاشمية والولايات المتحدة الأمريكية بجانبين مختلفين من الكرة الأرضين وبفاصل مسافة يزيد عن إثنى عشرة ألف كيلومترا، إلا أن الجيولوجيا تشابهت كثيرا وأحيانا بشكل متطابق مابين العديد من المواقع بذكاء الطبيعة.
ففي ولاية أريزونا تحديدا هناك عددا من المحميات البيئية المقصودة لعشاق المسير والترحال وسياحة المغامرة ومن أشهرها المحمية الوطنية "فيرملون كليفس" وتشمل هضبة يتخللها عددا من الأخاديد والصدوع تصب بشعابها بنهر كولورادو بمساحة تزيد عن ألف كيلومتر مربع، وكذلك "غراند كانيون" الشهير بالأخدود العظيم المستقطب لأكثر من خمسة مليون زائر سنويا وأيضا "نافاجو" وغيرها من المحميات ومابين هذه المواقع وما وهبنا الله في الأردن وتحديدا بمحيط البحر الميت النقطة الأخفض في العالم وما تشكل نتيجة حفرة الإنهدام والصدع الكبير ومنطقة وادي عربة ورم إثر انحسار البحر العظيم قبل ما يقارب 600 مليون عام ، إذ نلاحظ بأن هناك تقارب إلى حد كبير جدا في بعض المشاهد الجيولوجية ومحتواها وبين محميات أريزونا من تماثل المشاهد بالتكوين واللون إلى حد التطابق شبه التام .
شق العجوز وشق أنتيلوب ..
يقع شق العجوز للشمال من بلدة الحميمة موطن إنطلاق الدولة العباسية بين قريتي العباسية والثغرة إلى الغرب من سهل أم ارميث حيث كانت ترخي القوافل رحالها في طرق ودروب التجارة الواصلة بين الجزيرة العربية وبيت المقدس ودمشق ونقطة الإتجاه إلى شمال إفريقيا ومصر الكنانة وأوروبا عبر ميناء غزة، ويبلغ طول هذا الشق حسب ما قمنا به من قياس 3010 مترا يبدأ عرضا بمتر ليضيق بالتدريج ليبلغ ما يقارب خمسة وعشرين سم بمنفذين وارتفاع يتدرج من نقطة الصفر لغاية مايزيد عن إثنى عشرة مترا بمنحنيات ودهاليز تثير الدهشة بتعدد الألوان وتحاورها مع حركة الشمس عبر الضوء النافذ من مساقط لولبية وطبقات غنية بخام الحديد المتدرج بلونيه ما بين الكرميدي والبني إلى الأحمر وما بينها من طبقات الكوارتز الأبيض النقي وعروق من الكبريت الأصفر المحدود بين الصخور دون شقوق بفعل جريان مياه الأمطار خلاله دون وجود نباتات، ومحدودية الحشرات الغير سامة أو وجود قوارض أو أفاعي فيه، ويطابقه بهذا الوصف تماما شق " أنتيلوب" في أريزونا بالولايات المتحدة الأمريكية والذي أصبح قِبله لعشاق المغامرة ومقصدا للمصورين وعلماء الجيولوجيا والطاقة وأثرها على الإنسان.
وادي الحسا ورديفه زيون الأمريكي
تبدأ المرحلة الأهم لعشاق المغامرة بوادي الحسا عند نقطة شلال مجهول والقادمه مياهه المعدنية من ينابيع حمامات عفرا وهو الحد الطبيعي الفاصل بين محافظتي الطفيلة والكرك بطول 32 كلم، تتجدد فيه المياه وتزداد من ينابيع جانبيه متعددة مابين العذبة والكبريتية الحارة لتنساب بين صخور وجلاميد مختلفة التكوين بين رملية وكلسية، وما وصل إليه من بازلت تطاير إثر انفجار البراكين بسالف الزمان، وما نبت واستكثر فيه من حشائش ونباتات برية وما تعلق بين الصخور من نخيل استمد حياتة من رطوبة الصخور وما تهاوى وتجدد بحكم الطبيعة والحياة.
وفي هذا المشهد العذري البعيد عن المدنية تشابه معه إلى حد كبير وادي "زيون" بارتفاع قمم الجبال المحيطة بمعدل 800 م عن سطح الأرض وهي جزء من هضبة كولورادو مع اختلاف بشىء يسير بطول المسافة بينهم وتماثل الينابيع والروافد ووجود آثار للطف البركاني ونوعيات الصخور والبذات الحجر الرملي الأحمر العائد للعصر الترياسي أي ما قبل 250 مليون عام، وقد شغف رائد التصوير الأمريكي أنسل آدمز 1902 – 1984 م
بوادي زيون وأفرد له العديد من المعارض الفوتوغرافية جابت أصقاع الأرض ونشرت له في أمهات الكتب بتنوعها من علمية وبحثية وسياحية وفن التصوير وشوقت قلوب العالم لاكتشاف المكان وقضاء بعض الأيام فيه بعيدا عن ضوضاء المدينة وصخبها، وما من صديق زارنا من الولايات المتحدة وأخذناه للمكان إلا وذكر مدى التطابق والشبه الكبير بينهما.
التوأمة بين البلدين ..
ومن هنا نتطلع نحن عشاق المسير والترحال وسياحة المغامرة والبيئة النظيفة أن يكون هناك توأمة بين مملكتنا الحبيبة والولايات المتحدة الصديقة فيما بين هذه المواقع بما يعزز ويقوي العلاقة الوطيدة وحب المعرفة والإكتشاف وسياحة المغامرة والترحال كما يعزز ذاكرة المكان بين المقيمين في البلدين والشوق إلى الوطن.