من أجل منتج صحافي وإعلامي رصين
د. أشرف الراعي
02-10-2023 09:59 AM
مع الانتشار الواسع للمنصات الرقمية، والمواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، وانتشار مفهوم "المواطن الصحافي"، صار لزاماً على مختلف المؤسسات الإعلامية، ونقابة الصحفيين الأردنيين، ومختلف المؤسسات الرسمية المعنية بالعمل الصحافي والإعلامي أن تعمل على تعزيز مفاهيم التوعية القانونية للصحافيين والإعلاميين، وبما يسهم في تعزيز حرية الرأي والتعبير من جهة، وتحديد الأطر القانونية للمنتج الصحافي والإعلامي من جهة أخرى، لا سيما وأن عدداً كبيراً من هذه المواقع أصبحت اليوم ساحة لتناقل الشائعات، والأخبار المغلوطة والشتائم، فضلاً عن انتشار الصور التي لا ترقى إلى مستوى منتج إعلامي يليق ببلادنا.
إن تزايد الحاجة لهذه التوعية يأتي في ظل وجود أكثر من 30 قانوناً تتعلق بصورة مباشرة أو غير مباشرة في العمل الصحافي والإعلامي، وإن كنت أرى زيادة كبيرة في عدد القوانين، وإمكانية حصرها في قانون المطبوعات والنشر وقانون نقابة الصحفيين الأردنيين، إلا أن الواقع يقول إن التوسع في نطاق العمل الصحافي والإعلامي مستقبلاً سيفرز حاجة أكبر إلى التنظيم من خلال النصوص القانونية سواء في قانون الجرائم الإلكترونية، أو قانون حماية البيانات الشخصية أو غيرها من القوانين، والسبب في ذلك تطور الوسائل التقنية الناظمة للعمل الصحافي والإعلامي بصورة رهيبة خلال السنوات الماضية، واستمرار هذا التطور بشكله الكبير مستقبلاً.
كما أن من أبرز ما يجب التوعية بخطورته، هو عملية استخدام الصورة بشكل غير قانوني في وسائل الصحافة والإعلام "لا سيما الإلكترونية" في ظل الانتشار الواسع للكاميرات في أيدي أفراد المجتمع؛ وهو ما يمكن أن يقوض من الدور الحيوي الذي تلعبه وسائل الصحافة والإعلام في الدفاع عن مصالح المجتمع، من خلال نقل المعلومات والأخبار المهمة للجمهور، وبما يساعد أفراد المجتمع في البقاء على اطلاع على الأحداث والتطورات في مختلف المجالات، بما في ذلك السياسة والاقتصاد والثقافة والصحة والبيئة وغيرها من خلال توفير المعلومات الموثوقة، الأمر الذي سيسهم في تعزيز الوعي وتمكين أفراد المجتمع من اتخاذ قرارات مهمة وجوهرية، وبما قد يفقد دورها الأساسي من مضمونه.
إن وسائل الصحافة والإعلام تلعب دوراً طليعياً في تعزيز واحترام القيم العامة في المجتمع؛ كالتسامح، والاحترام، وتشجيع المشاركة المدنية والإسهام في القضايا العامة والتوعية والتثقيف بالقيم العامة والأخلاقيات الاجتماعية من خلال تقديم مواد تثقيفية، وتوجيهية متنوعة، وتسليط الضوء على القضايا الاجتماعية المهمة، وتعزيز القيم والمفاهيم الإيجابية وتوجيه سلوكيات المجتمع وأفراده نحو الأفضل، وبصورة تليق ببلادنا وتليق بمؤسساتنا الوطنية، وبما يعزز من دورها في تقديم أفضل الخدمات للمواطن.
كما تلعب وسائل الصحافة والإعلام دوراً مهماً في الرقابة؛ حيث تعتبر الصحافة الحرة المهنية الوطنية وسيلة فعالة للرقابة على السلطة والمؤسسات عن طريق إجراء التحقيقات الصحفية وتوثيق الفساد والانتهاكات، بما يُمكن من كشف الفساد والظلم والتجاوزات وتعزيز مفاهيم العدالة والشفافية عبر إعلام وطني يشكل ساحة للحوار والنقاش العام حول القضايا المهمة، وتقديم وجهات نظر مختلفة والتعامل مع القضايا المجتمعية، ورفع الوعي حول القضايا الاجتماعية والصحية، والبيئية والاقتصادية وغيرها.
لكن ذلك كله لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال قيام الصحفيين والإعلاميين بنقل المعلومات والأخبار بنزاهة وموضوعية، وهو ما يتطلب وعياً قانونياً كبيراً لديهم، وهذه مسؤولية مشتركة نحن اليوم في أمس الحاجة لها تفعيلاً لدور الصحافة والإعلام الوطني القادر على إعادة البوصلة إلى مكانها الصحيح، وإنتاج مواد صحافية ذات قيمة بعيداً عن المنتج السيء الذي نشاهده في كثير من الأحيان على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي هذا مجاراة للتطور من جهة والحفاظ على منتج إعلامي رصين من جهة أخرى.