منذُ أنْ تلقَّفتُ المنهاجَ المطوَّر لمبحث الُّلغة العربيَّة للصَّف السَّابع، لفت انتباهي غلافه ومحتواهُ المنظَّم، وأسلوبه الرَّاقي الَّذي يتناسب والفئة العمريَّة، ممَّا دفعني في الوقت ذاته لأطَّلعَ على باقي المناهج المطوَّرة لذات المبحث، ولا سيَّما أنَّ هذه المناهج المطوَّرة أحدُ العوامل الرئيسة التي تؤثر بشكل كبير على نوعيَّة التَّعليم في أي بلد، وفي الأردن، تمثل المناهج المطوَّرة عنصرًا حيويًّا في تطوير منظومة التَّعليم وتحقيق الأهداف التَّعليميَّة المرجوَّة ضمن إطار توجُّه الأردنِّ نحو تطوير الموارد البشريَّة وتنميتها، والارتقاء بالتَّعليم لمواكبة مُتطلَّبات العصر الحديث، وتهدف مقالتي هذه إلى استعراض الأدوار والفوائد الرَّئيسة للمناهج المطوَّرة في نظام التَّعليم الأردنيّ.

تحظى المناهج المطورة في التَّعليم الأردنيِّ بفوائد جمَّة، أهمُّها تحسين جودة التعليم، حيث تمَّ تصميم المناهج بعناية فائقة؛ لضمان توفير محتوى تعليمي محدَّث ومتكامل يتناسب مع احتياجات ومستوى الفهم للطُّلَّاب.

تسعى المناهج المطورة في الأردن إلى تعزيز مهارات الطُّلاب بشكل شامل، وتشمل هذه المهارات: مهارة الاستماع تذوُّقًا ونقدًا، ومهارة التَّحدُّث من بناء محتوى وتعبيرًا شفويًّا، ومهارة القراءة الَّتي تتضمَّن الاستعداد لما قبل القراءة ومن ثمَّ فهم المقروء وتذوقه ونقده، ومهارة الكتابة القائمة على بناء محتوى كتابي إبداعي، ومهارة أبني لغتي ليتعرَّف من خلالها على القواعد النَّحويَّة بما يتناسب وفئته العمريَّة توظيفًا وإعرابًا، وفق استراتيجيَّات التفكير النَّقدي، والإبداعي، وحلِّ المُشكلات، والتَّعلُّم النَّشط، ممَّا يُمكِّن الطُّلَّاب من التَّفوُّق في مختلف مجالات حياتهم.

وقد بنت وزارة التَّربية والتَّعليم هذه المناهج بناءً تواصليًّا جماليًّا، معتمدةً المنحى التَّكاملي والوظيفي والكفايات، إلى جانب كتاب التَّمارين الَّذي جاء تصميمه ليكون للأسرة دورٌ تشاركي وفاعل في تعليم أبنائهم ودعمهم، وخلق جوّ من الحوار البنَّاء القائم على احترام الرَّأي والرّأي الآخر واستثماره كمادَّة إثرائيَّة وعلاجيَّة، - فعلى سبيل المثال- نلحظُ بأنَّ منهاجَ الصَّف السَّابع الأساسي المطوَّر يشتمل على خمسِ وحدات دراسيَّة، تكوَّنت كل وحدةٍ على خمسةِ دروس جاءت منسَّقة ومنسجمة مع مستوى الطَّلبة وذوقهم المعرفي وواقعهم بما يتواكب مع العصر الحديث، وتضمينه روابط الكترونيَّة منسجمةً مع التَّطوُّر الرَّقمي في عالم التكنولوجيا والَّتي تُعينُ الطَّالبَ في عمليات التَّعليم والتَّعلُّم البحث في أوعيتها المعرفيَّة، وهذا يساهم في تجهيز الطُّلَّاب بالمهارات التّكنولوجيَّة الحديثة الّتي تعدُّ ضروريَّة في العصر الرّقمي الحالي.

تقدِّم المناهج المطوَّرة توجيهًا للمعلمين حول كيفية تدريس المواد بشكل أفضل عبر المقدِّمة الَّتي أدرجتها إدارة المناهج في وزارة التَّربية والتَّعليم، وبفضل هذه المناهج الحديثة كليًّا، يمكن للمعلمين تنفيذ استراتيجيات تعليميَّة مُبتكرة تساهم في تحفيز الطُّلَّاب وتعزيز فَهْمِهم.

ونظرًا لاهتمام وزارة التَّربية والتَّعليم الأردنيَّة بهذا التَّوجُّه نحو تحسين جودة التَّعليم عبر تطوير المناهج بشكل جذري، فقد أدرجت الوزارة في نهاية كلِّ وحدة تقييمًا ذاتيًّا مُبتكرًا ومتطوِّرًا يدفع الطَّلبة لتقييم ذاتهم عبر تدوين ما تعلَّموه من مهارات وخبرات بشكل دقيق، وهذا يُمكِّن المُعلِّمين والمشرفين التَّربويين من تقديم إيجابيَّات المناهج وملاحظات لجوانب تحتاج إلى تحسين؛ لتتمكَّن الجهات المختصَّة في الوزارة لاتخاذ القرارات المُستنيرة حول تطوير مناهج التَّعليم.

أمَّا عن الأوراق الدَّاعمة لمبحث الُّلغة العربيَّة وتطبيقها في الغرفة الصَّفيَّة، فهي تمثِّل وسيلةً فاعلة لتعزيز فهم الطُّلَّاب وتطوير مهاراتهم الُّلغويَّة ومكمِّلًا للمنهاج المطوَّر، وتحملُ العديد من الفوائد، فقد جاءتْ مُعزِّزَةً للفهم القرائي، حيثُ تُقدِّم نصوصًا متنوعة تساعدُ الطُّلَّاب على تطوير مهارات القراءة والفهم القرائي وزيادة مفرداتهم، ومحفِّزةً للتَّفكير من خلال احتوائها على تمارين وأسئلة تفاعليَّة تشجع الطُّلَّاب على التَّفكير النَّقدي وتحليل النُّصوص، ومطوِّرةً للمهارات الكتابيَّة لدى الطَّلبة عبر تقديم نماذج وتوجيهات للكتابة.

جاء تطبيق الأوراق الداعمة في مدارس المملكة الأردنيَّة الهاشميَّة كأداة تعليميَّة مهمَّة، صُمِّمَتْ بناءً على المناهج المطوَّرة واحتياجات الطُّلَّاب، ممَّا يضمن فعاليَّة تلك الأوراق في تحقيق أهداف التَّعلُّم.

إلى جانب الفوائد الواضحة للأوراق الداعمة، قامتْ وزارة التَّربية والتَّعليم بتوجيه إدارة الإشراف التَّربوي على ضرورة تدريب المعلمين على تطبيقها بفعاليَّة وإيلائها الأهميَّة الكبيرة، وقد قامتْ بالفعل حتَّى لاقى ذلك ترحيبًا واسعًا من تربويين ومعلِّمين.

ونتيجةً لتلك الجهود الَّتي قدَّمتها وزارة التَّربية والتَّعليم في تطوير المناهج وتطبيق الأوراق الدَّاعمة علينا أنْ نعي الدَّور المهم الَّذي توليه الوزارة من عناية فائقة لتعزيز تعلُّم الُّلغة العربيَّة في الأردن، وهذا يدعونا جميعًا نحنُ كتربويين وأُسَرِ الطَّلبة العمل معًا على تطبيق الأوراق الدَّاعمة وتنفيذ أنشطة كتاب التَّمارين تماشيًا من دروس كتاب الطَّالب كعمليَّة تشاركيَّة مع المجتمع؛ لما يمثِّله من دور بارز في تطوير المناهج؛ لتحسين الأداء التَّعليميّ وتعزيز مستقبل الطُّلَّاب في مجال الُّلغة العربيَّة.

وفي الختام، لا يسعني إلَّا أنْ أتقدَّمَ بجزيل الشُّكر لوزارة التَّربية والتَّعليم وإدارة المناهج وفريق التَّأليف الأساتذة الفضلاء، والمشرفين التَّربويين على الجهود المبذولة نحو تعليم أفضل يواكب وتطلُّعات العصر الحديث، لصنع جيل قادر على التَّحليل والنَّقد البنَّاء وتذوُّق النُّصوص وكتابتها بطرقٍ إبداعيَّة وبكلِّ حِرفيَّة.