5 سنوات كفاح من أجل الطب .. وقرارات التعليم العالي تقتل حلم مي
30-09-2023 04:18 PM
عمون - قتل قرار وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تخفيض عدد مقاعد الطب في الجامعات الرسمية حلم الطالبة مي وكثيرين غيرها، بعد أن أمضت مي 5 سنوات من الكفاح مع التوجيهي للحصول على معدل يخولها دخول كلية الطب..
مي الحاصلة على معدل 97.9% تقول إن حلم حياتها وهدفها الرئيس هو أن تصبح اخصائية جراحة قلب، ولهذا أمضت 5 سنوات من عمرها في إعادة امتحان التوجيهي لدراسة الطب، إلا أن قرارات الحكومة المتخذة بشكل مفاجئ أهدرت هذه السنوات فراحت من عمرها سدى..
في سن السابعة عشر تقدمت مي لامتحان التوجيهي مع بقية ابناء جيلها، إلا أنها بسبب حزنها على وفاة والدها في ذلك العام 2019 حصلت على معدل 77%، وهي مدركة أنها تستطيع الحصول على أفضل من ذلك بكثير، فعادت التوجيهي في العام التالي لتحصل على معدل 91%، وهو معدل لا يحقق حلمها بدراسة الطب..
مي لم ترضَ تحطيم حلمها رغم أنها سجلت في احدى الجامعات الرسمية بتخصص الاحياء، إلا أنها لم تكمل فيه فصلها الأول، غادرته عام 2020 وعادت إلى التوجيهي وفي ذات الوقت اتجهت لسوق العمل لتكون قادرة على تحقيق حلمها، وأصبحت تعمل وتدرس من أجل الحلم..
آمال مي لم تكن مجرد أحلام تتبدد عندما تستيقظ من نومها، بل كانت هدفا تعرف طريقه جيدا، ففي عامها الثالث للتوجيهي حصلت على معدل 95.5% وهو معدل كان من الممكن أن يؤهلها إلى دراسة الطب في الأردن لولا أن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي اصدرت عام 2021 قرارا حددت فيه 5% من المقاعد للطلبة المعيدين، فصارت تنافس على عدد محدود فقط من المقاعد..
بدأت مي تشعر أن الدنيا كلها تقف في وجه حلمها، رغم أن مخططا كانت أعدته له، فهي تعرف تماما أين ستتخصص في جراحة القلب، ومن أين ستحصل على شهاداتها وتدريبها، وما هي البوردات التي ستحملها لتصبح إحدى أهم أطباء القلب في العالم، لكن هناك من يقف أمام تحقيق هذا الحلم مبكرا فيبدده في كل مرة..
تقول مي إنها حاولت السفر خارج المملكة من أجل الحصول على مقعد طب في إحدى الجامعات العربية او الاجنبية، إلا أن عائقا مهما كان يمنعها وهو عدم توفر القدرة المادية.. فالدراسة في الخارج تحتاج إلى الكثير من المصاريف والأموال، وهي تعيش وسط عائلة لا يمكنها توفير هذه الاحتياجات، وكذلك لا يمكنها دراسة الطب في البرنامج الموازي بسبب كلفته العالية جدا.
أخذت مي قرارها مرة أخرى بأنها لن تستغن عن هدفها، وهو بات أقرب إلى التحقيق، توجهت لإعادة التوجيهي مجددا هي المحاولة الرابعة، عادت فيها 4 مواد وفي نهاية العام الدراسي للعام 2022 حصلت على معدل 97%.. بتفاؤل شديد وكثير من الخوف تقدمت مي للقبول الموحد لتنافس على الـ 5% من مقاعد المعيدين، إلا أن عشرين اثنين وقفا في وجه حلمها هذه المرة وأعاداها إلى دائرة الكفاح والمعاناة مجددا، فكان الحد الأدنى للقبول 97.25%..
هي معركة إذن.. خاضت مي رحاها مبكرا لتحقيق هدفها، فلم تكن مجرد طالبة تذهب أينما يضعها معدل التوجيهي، وعند التخرج تنضم إلى فريق المتعطلين عن العمل تنتظر دورا في وظيفة، ثم تقودها سفينة الحياة إلى حيث تشاء الريح، بل أرادت أن توجه سفينتها بنفسها إلى حيث يكون هدفها رغم شدة الرياح في الاتجاه المعاكس..
حسمت المقاتلة الصغيرة أمرها وتقدمت لامتحان التوجيهي للمرة الخامسة، مقسمة وقتها بين الدراسة والعمل، وبإصرار شديد على تحقيق الهدف الذي بات قريبا أكثر من أي وقت مضى، حصلت على معدل 97.9% العام الحالي، لكن المفاجأة جاءت مدوية.. التعليم العالي يقرر تقليص عدد مقاعد الطب في الجامعات الرسمية 70%..
لم يعد في كل الجامعات الأردنية اليوم متسع لمي التي كان يقف بينها وبين تحقيق هدفها في العام الماضي عشرين اثنين فقط.. ويقف بينه وبينها اليوم قرارات حكومية غير قابلة للزحزحة رغم المذكرات والاعتراضات والوقفات الاحتجاجية..
تقول مي إن لا قدرة لها او عائلتها على رسوم الموازي او الجامعات الخاصة او الدراسة في الخارج، رغم أنها طرق تحقق لها هدفها، لكن الكلفة مرتفعة جدا ولا مجال للمحاولة، إذ تبلغ ساعة دراسة الطب في الجامعات الخاصة 220 دينارا مقابل 45 - 85 دينارا في الجامعات الرسمية..
مي المحطمة آمالها لا تدري ماذا ستفعل، هل ستتجه إلى تخصص جامعي آخر، أم ستعيد المحاولة مجددا رغم عدم تفاؤلها، أم أنها ستعتزل الدراسة كليا.. وتخرج من معركتها مهزومة رغم كل ما أبدته من قوة.. ولكن السؤال: ألا يستحق كل هذا الإصرار الحصول على فرصة؟!..