facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




ميشيل ابن القدس .. ومأدبا موحد بقلبه


أحمد سلامة
30-09-2023 12:55 PM

من (نيبو) ترى القيامة!

احس بحزن حقيقي.. هذه الحلقة لأنني ادركت ان اغلب الذين احبهم، اكتب عنهم بعدما فارقونا (لارواحهم الدعاء بالرحمة).. واكبر مصدر لحزني أنني كتبت عن محمود الكايد، وساكتب عن ميشيل حمارنة هذه الحلقة..

كان هذان النبيلان من اهم من احببت عاطفة في حياتي، وعلى نحو ما لعب كلاهما دور الاب غير البيولوجي في فترتين عصيبتين من حياتي..

الحق ان جيلنا كل عمره كان فترة عصيبة والسبب المباشر لذلك هو قبح الجيران القسريين الذين استباحوا حياة أمة مطمئنة لكل بلاد الشام اعني مدللي البشرية (يهود الخزر ويهود المجر، بولندا وايسلندا، نيويورك ويهود تبوك)

الموحد الثالث ميشيل يعقوب الحمارنة رحمه الله.. هو اعلامي، وسياسي، واداري، ومسيحي ذو تقوى وعشق للحياة… من قال في تراثنا بين مأدبا والقدس (مقرط عصا) اظنه كان يعني هوية ميشيل حمارنة…

كيف ساحكي عن ميشيل؟! ومن اين ابدأ!؟

سأبدأ من اخر مرة التقت عينانا عبر الدمع قبل رحيله بوقت قصير، يا الهي كل ما اكتبه صار محكوما للحظات رحيل الاصحاب.!، رتب الزيارة الخاصة عراب العلاقة والصداقة بيننا قبل شرف التزامل

اتصلت مع عبد الله كنعان اطال الله في عمره متوسلا الاسراع في ترتيب زيارة (البطرك) كان اسمه السري بيننا (البطرك)، تواصل مع ديما حبيبة الوالد وزميلة الحروف الجميلة وسيدة المغامرات الكبرى حين ذهبت الى وسط الادغال في الحد الفاصل بين كرواتيا وصربيا لاجراء اهم تحقيق تلفزيوتي عن (الجدة ان كا) التي رفضت تبديل مواطنتها لصالح مذهبها.. فازت ديما بجائزة كبرى على ذلك التحقيق التلفزيوتي، وكانت كتائب الجيش العربي بقيادة غازي باشا الطيب من اوصل لها الكهرباء وزودها بـ (فينو) الجيش العربي وبقية الارزاق لتصمد..

ضُرب لنا موعد يوم الجمعة رحنا لبيت رب الاسرة ميشيل حمارنة.. لا ادعي ان العلاقة بين ميشيل حمارنة وبيني اوثق من علاقته ببقية الصحاب في المكتب، لكن لكل شخص مذاقه وصورة اخرى..

جلسنا في عين ميشيل الاب الموحد الطيب ثلاثتنا اولا (عبدالله بيك كنعان وديما ميشيل حمارنة وانا)، ثم انضم الينا لاحقا بقية افراد الاسرة الطيبة…

ميشيل حمارنة، عرفته قبل ان اعمل في معيته بالديوان الملكي الهاشمي العامر بسنوات عديدات، فهو دوما كان منخرطا اما في لعبة السياسة او لعبة الصحافة او معركة السياسة او مهرجان جرش وكل ذلك بوابات احتكاك وتداخل مع مهنتنا المرهقة!!

خلقه، وحواف شخصيته الناعمة كالحرير، وطيبة قلبه حد المطلق. هي بوابات مشرعة

ميشيل حمارنة، ابوه من مادبا وكان وحيده لان حالته لا تحتمل التكرار!! وكانت والدته مقدسية من بيت (زنانيري) هو ابن المطران وابتدا حياته شيوعيا في الجامعة الامريكية ببيروت من بعد أن اصبح احد وسائد الحكم المصنوعة من ريش النعام… يظفر كل راغب بالاسترخاء فيتجه لحضن ميشيل الناعم

هو مسيحي ارثوذوكسي واسمى بكره (عمر)… كان هذا الميشيل رحمه الله يمثل كل بهاء من ابهة وجدان الاردنييين الصادق، كان بارا بمادبا وما كل حولها، وكان اردنيا بكل فتنة من يفعل اردنيته فعلا عربيا لا انحياز فيه لمذهب اوقبيلة او دين او جهة.. الخطاب هو الخطاب

لا يستعمل الباب البرميلي الذي يفتح عالسفارة والتمويل الاجنبي والاجهزة والمقر والحكومة والقبيلة كلها معا!!

كانت وطنية ميشيل نغما وموسيقى تتلى كأنها كرزة الاحد في كنيسة المهد.. صبور كان حد قدرته كتم ضحكة واجبة او دمعة غصب عنه… اول مرة رأيته باكيا حد الحزن في واشنطن، حين وقع اول لقاء (هاشمي علني عقب توقيع اوسلو) هناك بكى او بكينا جميعا، لكنه كان مايسترو التعبير عن الوجع بالدمع….

كان الحاجز او الحجاز / والمصد) للعمل في المقر السامي كمدير لمكتب ولي العهد بما يعني هذا المنصب من عوائق ومطبات وبرامج وتنفيذ للخطط…

في أحد الايام الصعبة، تقرر نقل زميل نافذ وفورا الى وظيفة اخرى في مؤسسات الحكومة، وكان المطلوب من ميشيل ان ينفذ فورا
لان خطأ ذلك الزميل كانت له نتائج سلبية.. ماطل ابو عمر في اليوم الاول بحجة ان الوزير الذي سيتخذ قرار التعيين مشغولا!! وزاد الالحاح في الايام اللاحقة وفي كل مرة كان ميشيل يلقي بسبب مقنع لعدم التنفيذ…

سألته بيني وبينه لماذا تماطل؟! اجاب بحسرة: والله يا الحبيب يجب ان افعل ذلك متمنيا على الله ان ييسر لنا من يماطل حين تأتي اخطاؤنا، فكلنا في هذا الخضم نخطئ ونصيب، وثانيا وحياتك يا احمد لو المعني لديه ركايات حماية لما ترددت لكنه (مسخم) ما عنده حدا!!

ومن لطائف القدر ان الشخص المعني ظفر بعد عدة ايام بوظيفة من وظائف الدولة الكريمة….

حين قتل (رابين) على يد شلة نتنياهو الممعنة في التطرف، وكافأ هذا المجتمع الغريب الذي لا يوثق بأي ردة فعل او تطور لديه، كافأ القاتل، القاتل صار حاكما ولم يزل يتحكم بجنون بهذا المجتمع المجنون…

كنا في سيارة واحدة، منصور ابو راشد، ميشيل حمارنة، هاني الملقي، وانا. كانت السيارة تنحدر بنا من القدس الغربية حيث منزل شمعون بيريز رئيس الوزراء بالوكالة، كان دفن رابين قد وقع، ومن بعد ذهب سيدي حسن، والامير رعد بن زيد وبقية افراد الوفد لتقديم العزاء، وقع ذلك في نهايات اكتوبر من عام ١٩٩٥…

حين باشرت السيارة بالانحدار من مغاريب القدس صوب تل ابيب لتعزية الارملة المفجوعة ليئا رابين… من وسط حزنه كان يشرح لنا عن القدس ملعب صباه ويتحسر عن كل شجرة زيتون بيزنطية جلس من تحتها تداعب طفولته…

كان ميشيل حمارنة المقدسي الوحيد فينا الذي يتحكم في المكان ويعرف اسراره ويشمشم بقية ريا!!

حين وصلنا الشقة المكلومة صاحبتها في احد الطوابق العلوية في بناية بتل ابيب والمصعد لا يستوعب اكثر من اربعة اشخاص وتلاحقنا على دفعات… قدمنا واجب العزاء وسمعنا من زوجة رابين العجب من دموية التطرف الذي وصل الى ارسال رسالة لها (ان اردت ترك البلاد فتذكرة الطائرة جاهزة لك على حسابي.

نزلت في هذا الجو السريالي الذي يستعصي على فهم اي حالة في التاريخ البشري كله مع الدرج في معية ميشيل حمارنة، والعميد (لواء لاحقا) موسى الحديد، والدكتور عميش عميش وانا، كان الحوار على الدرج متداخلا فالعميد (موسى الحديد / ابو محمد) غاضب من الزمن ومن ضعف العرب، ومخنوق وغاضب في كل اتجاه،

حين ادركنا قاع البناية المنكوبة وآلاف الاطفال يشعلون شموعا على الجهة المقابلة.. اتجه ميشيل الي قائلا "والله يا ابو رفعت اعرف انك رح تكتب ذات يوم عن هذا الذي نحن فيه من ضياع، لكن عليك ان تتنبه الى ان اول سبب لهزيمتنا امامهم هو قاع هذه (البناية)"

رابين الذي انتصر على العرب في كل حروبنا معهم واخرها انتصر على ذاته فاخلص للسلام كجندي شجاع فقتله قومه الذين هم ضد السلام رابين يسكن في شقة 180م، ونحن في كل العالم العربي نعيش بهرجا مزيفا في قصور للخدم وعمارات للمنفخة…

لقد مات ميشيل رحمه الله في شقة متواضعة في شارع عبد الله غوشة مثل كل ابناء الطبقة الوسطى المحترمين، رغم ان والده ترك له ما يؤهله لان يكون مثل غيره

كانت كلمته وفعله من التطابق والانسجام ما يبقي عليه حيا بقيمه فينا بعد مماته

ميشيل ابن بيروقراطية الدولة (الغميقة) مو فقط العميقة. بل العين عليها نقطة اي انه ملم بكافة متطلبات ادارة الدولة لم يبذر في مال عام كان ابخل البشر في المال العام… وميشيل في لحظات التحولات الكبرى كان ابن وطن، واب لابناء الوطن…

في لحظة قاسية في الحياة حين (التقى النقل غير الموضوعي مع غضب الرئيس وفي ظهرهما جهاز التوكيد او النفي لكل ما يحدث فينا) على حوار وقع في منزل مكرم مصطفى القيسي على غداء تكريما للسفير بتل ابيب الذي صار ورزيرا في ٧/ ٤ / ١٩٩٦م… كان جلالة سيدنا المرحوم في لندن وسيدي حسن حفظه الله في فينا، كنت اقدم التهاني في منزل الزميلة كارولين فرج بمناسبة تخص والدها يرحمه الله مع رهط من رفاق الروح (ممدوح الناصر، فيصل حوراني، عماد الطراونة)… هاتفني السكرتير الخاص لـ سمو ولي العهد وقتذاك، السيد سمير الرفاعي طالبا مني التوجه الفوري الى منزل الاخ ميشيل بيك واراك هناك.

وانتهى الايعاز !!!

وتحركت على الفور لمنزل مدير المكتب الاخ ميشيل الذي كان قد عاد للتو من محاولة ضارية لرتق ما انثلم، والانتهاء منها بأقل الاضرار ونزع فتيل غضب دولة الرئيس (ابو عون)…

كان منزله بعد على الدوار الرابع، التقينا ثلاثتنا، ميشيل وسمير وانا، وشرع يكثف الموقف وان المطلوب تبين ان اذهب في معيته للرئاسة واتقدم باعتذار بيّن لدولة الرئيس على ما اتيت به من قول غير لائق في غداء مكرم القيسي!.. واوما ان هذا المطلب مرغوب تنفيذه من اطراف معنية بحل الازمة… اجبته بكل هدوء سيدي الحبيب ابو عمر انا مقدر ما انت فيه من وضع صعب لكن دعني اقول لك موقفي…

انا لم اتحدث مع وزير الاعلام في خلوة الحضور متنوع ومتعدد، انا تحدثت براي يخص قناعتي في خصخصة الاعلام وناقشت معالي الوزير وتبادلنا الاراء، وانا ضد بيع موجات الاذاعة او تأجيرها، ورد علي الوزير بما اوتي من منطق وتابعت نقدي لذلك… لذا انا لم اخطئ قط
ولم اقل شيئا يوجب الاعتذار!!

وان كان موقفي قد سبب باي حرج كوني احمل ملف الاعلام في مكتب سيدي حسن فالامر سهل اعطيني ورقة وساكتب استقالتي الان
رفعا لاي حرج.

ولن اقدم اعتذارا على وشاية… صمت الختيار رحمه الله، واظنه تبادل نظرة ايحائية مع الاخ سمير الرفاعي الذي ابدى مناصرة كاملة لما انا اتيت به مؤيدا كل موقفي لانه كان من ضمن من حضر الغداء واستمع الى الحوار…

تركنا… ودخل الى غرفة مجاورة، اجرى اتصالا احب ان اتخيل انه كان مع سيدي حسن وعاد بعد اقل من 5 دقائق مساندا موقفي وانه لا داع للاستقالة ولا الاعتذار، وقال بحقي كلاما استحي اعادته لان فيه من الاطراء الابوي الحنون ما يحرج

رحمه الله كان منصفا وعادلا.. ستظل المدرسة المسيحية الإدارية في الاردن من يعقوب عويس ابو خالد، حتى يوسف القسوس فمشيل حمارنة مدرسة الخلق والنبل الاردني واخبار الاردنيين بالتطبيق ان المسيح رسالة ولاء للعرش، وتسامح وعدل انساني، ووطنية كريمة لا حدود لعطائها او مداها، رحم الله ميشيل حمارنة فقد تمتع بدفء في روحه مثل اول طلعة الصبح في بلادنا





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :