في هذه اللحظات الفارقة من تاريخ العرب الحديث تتقدم المشاعر على الأفكار، وهذا أمر منطقي ، خاصة وأن ما حدث في تونس ومصر أم الدنيا من حيث الشكل والتوقيت والسرعة يفوق خيال أعظم الشعراء . لا يستطيع احد ان يدعي لنفسة القدرة على الاستشراف والتنبؤ ،لأن لا أحد تمكن من معرفة القادم. يبدوا أن للشعوب خصائصها الجمعية وسكلوجيتها الخفية التي تتكون خلال مئات السنين. كلنا يعرف ان مصر صاحبة تاريخ عريق وعميق ولعلها تشترك مع فلسطسن في هذه الكينونة التاريخية. اعتقدنا لوهلة وفي لحظة غيبوبة مات فيها التاريخ، بأن الظلم والاستبداد والقمع والإرهاب لا يمكن مقاومته بالصدور العارية وبقبضات الأيدي وصدح الحناجر. وأن أمريكا سيدة العالم قادرة على وقف عجلة التاريخ بالتعاون مع زمرة باعت شعوبها واوطانها بأثمان رخيصة .
ها هم شباب مصر الذين آمن بهم صوت الشعب وضميرة المجروح أحمد فؤاد نجم الذي لا ما زال يعيش سنواته السبعين بدون جوا ز سفر ، حين قال " يا عم حمزة رجعوا التلامذة للجد ثاني ، لا كورة نفعت ولا أونطة ولا المناقشة وجدل بيزنطة " ، ينهضون من تحت ركام الذل . أما نحن أصحاب الصوت العالي وشياب حقب القمع والعقول المعطوبة ، لم نكن نرى في شباب مصر غيرعمالة رثة يعملون في أقطار العالم باجور زهيدة ونتفنن أحياناً في إشعارهم بالدونية خاصة أصحاب الجيوب المنفوخة بأموال الفساد . ونراهم داخلها مطبلين ومزمرين لمطربي ومطربات الموجة الهابطة ومصفقين لكليبات العري، ومستمعين لقنوات العهر المصرية والعربية الممولة بأموال النفط المهربة في البنوك الدولية .
ثبت بالمليون حول هذه الرؤيا العقيمة وتبين أن أحمد فؤاد نجم ومحمود درويش وسيد درويش والشيخ إمام وغيرهم في قلب كل شاب . وثبت ان الحرية والكرامة لا يمكن الالتفاف عليهما بأي شكل من الأشكال. وثبت أن روح الإنسان لا تسجن وأن القمع لا يطال سوى الجسد .
نحن الأن أمام حقبة جديدة تلغي كل أشكال الحكم الفردي المطلق والدساتير العرجاء والمشوهة والتي صاغها الرؤساء المخلوعين والذين في طريقهم للخلع . حقبة تعلي من شأن الشعب وتعلن الطلاق مع حقبة الفرد الجهبذ الخارق المارق الوحيد الأوحد . حقبة تلغي دور الحزب الحاكم القائد . حقبة تسقط النياشين المزورة التي حملها الجنرالات بدون حروب في زمن الأمية .
فلتعش مصر وشباب مصر الذين أعادوا لنا أملاً كدنا نفقده . فها هي الفرحة تدخل كل بيت عربي من المحيط إلى الخليج . ولا يمكن أن يكون شعب عربي أو بلد عربي غير مصر قادر على إدخال الفرحة لقلوب العرب . مصر لوعتنا طيلة العقود الثلاثة الماضية . وتهنا في صحرائها التي رسم الصهاينة خريطتها . ونحن الأن أمام فرصة حقيقية لإسقاط كامب ديفيد العار وكل تبعاته . فليهب الأشقاء العرب لاغتنام هذه الفرصة من خلال المسارعة في تقديم الدعم المالي للشعب المصري مع التأكد ان الدعم يصل لمستحقيه لا لجلاديه كما كان يحدث سابقاً . ونحن الأن أقرب من أي وقت مضى لنكون خير أمة أخرجت للناس