من استمع لخطاب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية جو بايدن في الأمم المتحدة الأخير سيلاحظ إزدواجية التعامل الأمريكي بخصوص سيادة أوكرانيا و تخوفه من تدمير روسيا لبناء الدولة الأوكرانية ، و إتهامه لروسيا بإحتلال أوكرانيا و ممارسة العدوانية ضدها ، و بإعتقاده في المقابل بأن أحدا لا يهدد سيادة روسيا ذات الوقت ، و بدلا من الأحتجاج على سلوك روسيا (السلبي ) تجاه جارتها أوكرانيا حسب إعتقاده ، نراه يدفع بالسلاح و المال الأسود تجاه العاصمة " كييف " ، و جر الغرب معه بنفس الأتجاه ، و أحاط روسيا بفوبيا سياسية و إعلامية و إقتصادية بهدف ديمومة الحرب الباردة ، و سباق التسلح ، و إشعال حرب بلا نهاية ( روسية – أوكرانية – و مع حلف " الناتو " المعادي لروسيا بالوكالة ) ، و هي الحرب الأمريكية الغربية و لحلف " الناتو " المرتكزة على حراك التيار " البنديري " الأوكراني المتطرف الشرير ، و على نظام " كييف " السياسي المتشابه في التطرف الذي يقوده حاليا الرئيس المنتخب فلاديمير زيلينسكي ، فنان الأمس ، و صاحب مسرحية " خادم الشعب " التي حولها لخادم الغرب و لدرجة أكثر إنحدارا تشبه العمالة لهم و لأمريكا تحديدا و لجهازها اللوجستي ، و هو الذي رفض الحوار لاحقا مع موسكو ، و كذلك " إتفاقية مينسك " الضامنة لسيادة أوكرانيا أولا ، و لعلاقة جوار طيبة مع روسيا ، و بين روسيا و الغرب الأمريكي مجتمعا ، وهو الأمر الذي واجهته روسيا عبر رصد الثورات البرتقالية التي إندلعت في عهد الرئيس الأوكراني الأسبق ليونيد كوجما ، و رصد إنقلاب " كييف " عام 2014 الذي إستهدف إجتثاث روسيا من وسط الأراضي الأوكرانية عبر التخلص من أخر رئيس أوكراني موالي لروسيا مثل فيكتور يونوكوفيج ، و أحدقت العيون الأمريكية – الغربية بعد ذلك لإضفاء صبغة الغرب على أوكرانيا ، و( الناتو) كذلك ، و بهدف تضييق الخناق على روسيا من خلال بث دهاليز تشير لبراءة الخطوات الغربية و الأمريكية ، و نشرت أمريكا – بايدن و هانتر وقتها مراكزا بيولوجية - كورونية - ضارة لتعميق الأذى الممكن أن يصيب الشعوب السلافية و السوفيتية السابقة بهذه الطريقة ، و عبر الحرب ، و أنتجت أمريكا و الغرب قنبلة نووية في " كييف " ، و أخرى منخفضة قذرة ، و هاجموا خط الغاز " نورد ستريم 2 ، و جسر " القرم " أكثر من مرة ، و أغتالوا صحفيين روس و غيرهم ، و حرضوا " كييف " على معادات روسيا بنفس الأتجاه لكي تنسلخ عن اللغة الروسية بالذات و عن زعامة الكنيسة الروسية في موسكو ، وهي توجهات تخالف مبدأ الأنفكاك عن الأتحاد السوفيتي و الحصول على إستقلال أوكرانيا .
نعم الأفعى لا تعرف إلا من رأسها ، و الحرب الأوكرانية الغبية بدأت من وسط التيار البنديري و نظام " كييف " المتطرفان ، و بتشجيع بالوكالة من قبل " و اشنطن " و عواصم الغرب ، ومن قبل العائلات الأوليغارجية الغربية مثل عائلة " روتشيلد " اليهودية الأصل ، و تلاحمت الحرب في أهدافها مع الأنتشار اليهودي العالمي ، و تمكنت الصهيونية العالمية المتوغلة في أمريكا و الغرب ، و في داخل مؤسسة " الأيباك " ،و مؤسستي "الكونغرس و " البنتاغون " من تعميق الصراع ( الروسي – الأوكراني – و مع " الناتو " ) و التصدي ذات الوقت لكل مشاريع السلام ، و المعروف هو بأن شعوب أوكرانيا في أقاليم " القرم و الدونباس " قالت كلمتها عبر صناديق الأقتراع لصالح الأنضمام لروسيا ، و رفضت طوعا أيضا التعامل مع نظام " كييف " المتطرف المتجه صوب الغرب علنا ، و تجاه " الناتو" أيضا، متناسيا كما قال سيرجي لافروف وزير خارجية روسيا في مؤتمره الصحفي مؤخرا بعد إنعقاد مجلس الأمن ، بأن الأتحاد السوفيتي منح الأستقلال لأوكرانيا في إطار إتفاقية نصت على ضرورة إلتزامها بعدم دخول أية تحالفات معادية من شأنها تهديد أمن المنظومة السوفيتية السابقة ، و روسيا الشقيقة الكبرى للتجمع السوفيتي السابق إنبرت للدفاع عن سيادتها وفق التحولات الأوكرانية عامي 2007 و 2014 و بعد ذلك ، وعن سيادة الدول المنفكة عن الأتحاد السوفيتي ، فحركت عمليتها العسكرية الدفاعية الإستباقية التحريرية بتاريخ 24/ شباط /عام 2022 إنطلاقا من مادة ميثاق الأمم المتحدة رقم 751 المانحة لروسيا حق الدفاع عن النفس ، و أي دولة يعتدى على سيادتها ، فحررت الدونباس عامي 2022/ 2023 ، و حررت " القرم " قبل ذلك عام 2014 ، و استمرت أمريكا في تحريض " كييف " على التحرش بالقرم و الدونباس و بالداخل الروسي عبر حرب سرابية خاسرة و من خلال تسيير طائرات خفيفة من دون طيار يعتقد بأنها تنطلق من الداخل الروسي لخلخلة الوضع الأمني الروسي ، لكن روسيا ، و بما تملك من قدرات عسكرية تكنولوجية حديثة تمكنت من التصدي لها بنجاح وحتى الساعة.
و ثمة حزم من الإشاعات المغرضة روج لها الغرب الأمريكي بالتعاون مع العاصمة " كييف " تشبه الفوبيا هدفها تشويه صورة روسيا العظمى – القطب العملاق – ميزان العالم - و منصته المعارضة لأوحادية القطب المناهض لها ، منها ماله علاقة بحادثة " بوجا " ، و بقضية نقل روسيا لأطفال أوكرانيا سكنوا مخيمات قريبة من الحدود الروسية أثناء بدء العملية العسكرية الروسية بهدف حمايتهم ، من دون توجيه لجان تقصي حقائق محايدة دولية لمعرفة الحقيقة ، و كما أعرف شخصيا روسيا من الداخل و سياستها الخارجية ، و عقيدتها العسكرية ، فأنها لا تتحرك إلا وفقا لأعمال القانون و منه الدولي ، و لا تخترقه كما تدعي أمريكا و ألة الغرب الدعائية الأعلامية ، وهي ، أي روسيا الأتحادية هي من أسست الأمم المتحدة إلى جانب أمريكا و بريطانيا لمنع نشوب حرب عالمية جديدة ثالثة نووية مدمرة بعد إنتصارهم المشترك في الحرب العالمية الثانية عام 1945 التي تصدر نصرها السوفييت برفع علمهم فوق مبنى " الرايخ الألماني – البرلمان " حينها ، و بفاتورة من الشهداء و صلت إلى 28 مليون شهيدا ، و مادفعت به أمريكا و معها الغرب من سلاح و مال وصل حجمه إلى أكثر من 200 مليار دولار لم يوصل لنتيجة مقنعة بعد عام و نصف العام على إندلاع العملية / الحرب ، و كلما طالت الحرب ، كلما إستنزف الغرب الأمريكي نفسه أكثر ، وكلما زاد حجم الخسارة لدولة " كييف " ، و مراهنة الغرب على نظام " كييف " خسرت بكل تأكيد ، ولم تقبل روسيا أن تقدم أوكرانيا للغرب و للناتو هدية على طبق من ذهب ، و لأن تهدد أمنها و سيادتها، و إرتكزت في حراكها أيضا على أحقيتها التاريخية في ( القرم و الدونباس و كييف ) ، و تتحرك وفقا لخارطة رملية ووسط أفق إستراتيجي و جيو – سياسي حكيم و هاديء ، وفي الوقت الذي أعلنت فيه " كييف " عن ضربها للأسطول الروسي في البحر الأسود بصاروخ غربي الصنع ، أعلن وزير دفاع روسيا سيرجي شايغو عن مقتل 17 الفا من الجنود الأوكران ، و خسران أوكرانيا لأكثر من 2700 تقنية عسكرية أوكرانية .
إن في نجاح روسيا في قطع رأس الأفعى الغربية عبر تحقيقها إنتصارا حتميا في ميدان المعركة على أطراف " الدونباس " ، نجاح سياسي لها كذلك في تشكيل عالم متعدد الأقطاب كنتيجة حتمية للحرب عام 2022 ، و لأنهيار الأتحاد السوفيتي عام 1991 ، و القطب الأوحد الغربي الان بين خيارين ، إما الأعتراف بالهزيمة و الذهاب إلى السلام و التنمية المشتركة و الأنخراط بالتعددية القطبية ، و إما الأستمرار بالتدهور و التلاشي و خسران الحرب و السلام معا ، و " كييف " العاصمة مطالبة بإجراء خطوة متقدمة صوب الديمقراطية و السلام عبر الأعلان عن هدنة تقود لإنتخابات رئاسية جديدة مبكرة تعيد أوارق السيادة الأوكرانية لوضعها المقبول ، و الحوار مع موسكو ممكن ، و لا مراهنة حقيقية على نتيجة الأنتخابات الرئاسية في موسكو وواشنطن عام 2024 لإنهاء الحرب المأساة ، و التي تسمى شيوعا بالأوكرانية ، و لكل حادثة حديث .