لا خلاف على أن ارتفاع حجم الدين العام خطر، لكنه ليس كذلك إن كانت الالتزامات التي تقابله لا تتعثر.
لم يسجل أن تأخرت الحكومة الأردنية عن تسديد أقساط الدين العام وفوائده الداخلي أو الخارجي فهي تتم بمواعيدها وحسب برنامج محدد بإطار عام يظهر في موازنة التمويل.
قلنا إن الفرق هو في زيادة الدين الخارجي مقابل الدين بالعملة الوطنية، لكن من جهة اخرى فإن الاستدانة من المؤسسات الدولية مباشرة أو عن طريق السندات هو مصدر مهم للعملة الصعبة.
أهم معايير تقييم كفاءة إدارة الدين العام هو التصنيف الائتماني السنوي لحالة الاقتصاد الأردني والذي يصدر عن مؤسسات دولية موثوقة.
المؤسسات في تقاريرها الأخيرة قيمت الاقتصاد الأردني بالمستقر في مؤشر على استقرار الاقتصاد الكلي والتقدم المحرز في الإصلاحات المالية والاقتصادية، والتمويل المرن المرتبط بالقطاع المصرفي، والدعم الدولي.
وبينت أن التصنيف يرصد الديون الحكومية الداخلية والخارجية وفق معيار الالتزام بالسداد.
مرتبة الأردن الائتمانية هذه فيما يتعلق بسندات الحكومة بالعملات الأجنبية، لم تعكس خشية هذه المؤسسات من أن لا يكون الأردن قادراً على السداد في تواريخ الاستحقاق بالنظر لعجز الموازنة وارتفاع المديونية بل على العكس.
ثمة دول كبرى ومتوسطة الدخل بما فيها المنتجة للنفط تجاوزت مديونياتها ناتجها المحلي الإجمالي أضعاف، لكنها تحصل سنويا على تصنيفات جيدة مدعومة بكفاءة السداد وبنمو موات للناتج المحلي الاجمالي وبعودتنا مقبولة في موازينها وفي حسابات الخارجية.
إجمالي الدين العام وصل إلى 39.046 مليار دينار، الدين الداخلي للأردن بلغ 13.97 مليار دينار في نهاية نيسان/أبريل، بينما سجل الدين الخارجي نحو 17.49 مليار دينار.
هنا نتساءل في ذات السياق لماذا لا تقوم وزارة المالية بتنفيذ خطة لتخفيض نسبة الدين الخارجي واللجوء الى الاستدانة بالعملة الوطنية، وعدم الالتفات إلى شعار ليس صحيحا وهو عدم مزاحمة القطاع الخاص على السيولة.. أين هي استثمارات القطاع الخاص الكبيرة التي تحتاج إلى تمويل كبير؟.
لا يخفى على مؤسسات التصنيف أن مركز الأردن الصافي دائن للعالم بالعملة الأجنبية، لأن موجوداته منها تزيد عن ضعف مديونيته بها.
موارد الأردن بالعملة الأجنبية جيدة بدليل ان احتياطيات البنك المركزي منها يصل الى ١٨ مليار دولار.
الدين الداخلي يعني أن الأردن مدين لنفسه وليس للخارج وقادر على سداد ديونه الداخلية بسهولة وهو قادر على سداد ديونه الخارجية بالتزام مواعيدها المحددة.
تقييمات هذه المؤسسات لها قيمة لأن المستثمرين والدائنين يعتمدون عليها لتحديد درجة المخاطر، بما في ذلك التأثير على السيولة المحلية.
المخاطر هي في ارتفاع عجز الموازنة وتصاعد المديونية الخارجية على حساب الداخلية.
الإصلاح يعالج العيوب وهو يتطلب قدراً كبيرا من التضحيات.
الرأي