facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




(الرأي) .. قبل شجاعة الشجعان


أحمد سلامة
25-09-2023 09:48 AM

كنت في السنة الاخيرة في الجامعة الأردنية، قد باشرت رحلتي نحو مهنة الصحافة… إذ بمحض المصادفة وبحكم علاقة اخوية جمعتني بالصديق (عاهد قنطار) والذي بدوره قدمني للاستاذ عبدالرحمن المجالي النقابي اليساري العتيد… وكنت في اليوم التالي اقف في مكتب الاستاذ راكان المجالي رئيس تحرير صحيفة الاخبار، لاباشر مسؤولية اصدار صفحة الجامعة الاردنية في تلك الصحيفة…

لقد افادتني التجربة في صحيفة الاخبار عدة مهارات تميزت بها حين التحقت بعد عام في صحيفة الراي لاحمل لقب او صفة الصحفي والكاتب مهنة وتعريفا طوال عمري…

ما ان انتهينا من الفصل الاول في شهر شباط وفهمت انني تخرجت من الجامعة الاردنية بمرحلتها الاولى قبل العودة اليها في الدراسات العليا عام ١٩٨٠.. الا ووجدت نفسي على اعتاب (الراي)…

لم يكن من السهل نيل فرصة في الراي اواخر السبعينيات من القرن للماضي… فالراي كان لها وضعها الذي صار متقدما جدا واضحت من المنابر التي تسهم في صياغة الوجدان الوطني…

ذات يوم في شباط والبلل سمة شوارع عمان المتوترة من شدة المطر جاهدت شمس ذلك اليوم على تبديد تلك الموجة القارسة في بردها، ولو على استحياء….

كانت شعلة صوبة (الفوجيكا) تعلن بمقدم بعض دفء في عيادة العم المرحوم الدكتور رفعت عودة الذي ينتهي بها شارع سينما الاردن، وتتقابل مع وكالة التوزيع الاردنية الذي يتقاسم ادارتها الاستاذ الكبير رجا العيسى وزوجته…

سلمت على العم ابو غازي بكل التبجيل والاحترام الذي نكنه له كافراد عشيرة تواليه زعيما اصلاحيا فذا.. وجالسته حول تلك المدفئة.. قلت له ابشرك يا عمي الغالي لقد تخرجت من الجامعة الاردنية امس…

كانها الان تلك اللحظة المجيدة في حياتي ابتسم بحنو ابوي مساند وتساءل: مبروك، اكيد عملتها؟! واجبت بنعم

بادرني بالسؤال: وين ناوي تشتغل؟! قلت له والله يا عمي فيه ثلاث خيارات، الاول: البنك العربي وكان البنك العربي يزيد راتبه عن الرواتب الاعتيادية بعشرين دينارا.. والثاني: التلفزيون الاردني، والثالث: جريدة الراي.

ورد رحمه الله: انت بتاع ثقافة وفكر ما تزبط بلغة الارقام لذلك فكك من البنك العربي.. اما التلفزيون الاردني فاعتقد ان الصعوبة بالغة في ايجاد فرصة لك، تبقى الراي، انسب خياراتك

وأضاف رحمه الله: بشوف اسم رجا العيسى من مدراء الصحيفة، ورجا بعرفه من ايام يافا كان والده صديقا عزيزا….

قام الحكيم من مقعده وجلس خلف مكتبه واستخرج ارقام الهواتف الخاص به، وادار قرص تلفونه الارضي ورد احدهم مين بدو اياه؟!

رد بهدوء انا رفعت عودة، وفي لمح البرق كان الاستاذ رجا على الخط الاخر.. واخبره عن رغبته بمنحي فرصة توظيف في الراي ووسط جو مليء بالدفء.. اخبرت ان اذهب لـ الراي غدا مساء…

كنت ارى يافطة الراي وانا ذاهب للجامعة يوميا على يسار الطريق وقبالتها شركة كاتر بيلر.. وما دون ذلك كان من دوار المدينة الحالي حتى الجامعة يخلو من اية بناية، قبل ان تنقل الدستور مقر اقامتها من (تقاطع الشميساني العبدلي) وتنضم الى المكان….

ذهبت في اليوم التالي عند الساعة السادسة مساء هكذا اخبرت من العم ابو غازي لمقابلة الاستاذ رجا العيسى!!!

على باب الصحيفة، كل شيء مختلف، استعلامات منضبطة رجل مفتول الشاربين ويتضح من شدة سوادهما انه قد صبغهما بضراوة، واصرار… دخلت متجها الى الدرج، فاعترض مسؤول الامن والاستعلامات بشاربيه المفتولين: وين يا شاب ؟!؟!

اجبت بشيء من الثقة الطاغية: طالع عند الاستاذ رجا العيسى، تجاوز ثقتي غير المسببة لديه وقال لي تفضل اجلس هون، واشار الى كرسي بجوار مأمور المقسم… واجرى بعض الاتصالات بوشوشة ملفتة للنظر.. وقال موجها الي حديثه: عمي الاستاذ ما وصل، ارجع بكرا..

قلت معترضا: انا عندي موعد مع الاستاذ.. فرد علي بدون اكتراث!: عمي قلتلك مع السلامة ما وصل الاستاذ!

احسست بمرارة وظننت ان فرصة الراي قد تبخرت عند صاحب الشاربين!!

سبحان الله مثل الافلام الهندية، لاح علي حين فجأة مثل قمر في سماء تلبدت من كثرة الغيم.. رجل طلته احلى من القمر.. ارجح لو ان الاستاذ عوني بدر لم يصل في تلك اللحظة ربما ان كل مصير حياتي قد تغير..

دخل الاستاذ عوني بدر من الباب واتجه بكل نظره الي، حياني بمودة اخوية طاغية، وسلم علي وسأل خير شو جابك عبلادنا!؟: قلت له انني على موعد مع الاستاذ رجا.. توجه للاستعلامات وعمل لي تصريح دخول وصعدت الدرج بصحبته.. لابدأ واحدا من اهم مشاوير حياتي، (الراي) التي اضحت كل شيء في حياتي لخمسة عشر عاما لبثت بها كان هذا الزمن عدة اشهر ليس اكثر!!

كانت الراي اول معارف المهنة وقد انضجتني، والراي اول الوعي بالواقع الاردني عبر رحلات التحقيقات الصحفية التي انحزت اليها كخير وسيلة للتعبير عن المراد وكارقى فن من فنون الكتابة، إنه التحقيق الصحفي ياخذك الى عالم الابداع والغموض والشغف وابتكار حلول لم تخطر على بال من هو في الازمة، إن التحقيق الصحفي وسيلة للتفكير خارج الاطارات المغلقة والمتكررة، انه ابداع وانجاز وفن.. وهذا ما انتخبته وسيلة اشتباك مع المهنة

كان الاستاذ عوني بدر يسبقني في الدراسة وهو خريج ايضا من الجامعة الاولى بسنتين او ثلاثة، وكنت اراه دائم التردد على قسمنا (الادب الغربي) ذلك ان قرينته المرحومة (ام ميس) كانت ابنة قسمي وتصغرني بسنة او سنتين.. ولقد ارتبطا الرابط الاوثق وكنت دائم الاحترام له، وظل الاستاذ عوني بدر يتردد على الجامعة دون انقطاع خاصة بعد ان صار محرر صفحة الجامعة في صحيفة الراي..

اصطحبني عوني بدر الى مكتبه، وسألني عن سبب الزيارة مع ضيافة كريمة موصولة من القهوة والشاي، واخبرته بالمراد، وطال الانتظار ولم يمل معزبي من تدفق ضيافته علي!!

فجأة.. تكهرب الجو حتى معزبي وقف بكل الاحترام وصاحب البوفيه ابتعد عن طريق الكوريدور وحشر نفسه بزاوية، ومر رجل كهل لم يبد اي اهتمام بالضوضاء التي صنعها هو، وكان اول ما لفت نظري فيه لا اباليته وشدة اناقته الطاعنة في العراقة…

بعد ان مر الرجل هذا، نظر الاستاذ عوني الي نظرة المرتاب وسألني: انت بتعرف الاستاذ رجا العيسى؟.. قلت: لا قال اذن الحق حالك هذا هو

بالفعل لحقت مسرعا به حييته بتحية المساء فلم يرد علي، قلت له: استاذ رجا انا عمي الدكتور رفعت عودة وابلغني ان آتي لأراك…

انقلب كل شيء: اهلا احمد هلا بالحبيب، وامسك بيدي وسط كل من كان واقفا لتحيته وادخلني معه الى مكتبه الفاخر جدا هكذا رأيته اول مرة…

سألني بمودة: انت دارس ادب عربي حكالي حكيمنا ؟!.. قلت له: اجل سيدي وانا كنت احرر صفحة الجامعة في صحيفة الاخبار

اثنى علي وعلى خبرتي وادركت من الجو العام انني اصبحت صحفيا في جريدة الرأي…

طلب من شخص ان يعد لي طلب توظيف واوقع عليه بعد تعبئته لاحقا.. كان مهيبا واوامره حاسمة ومسموعة ثم ادار قرص هاتفه وقال: مرحبا محمود اجيك ولا تيجيني؟!

ويبدو ان محمود فضل المجيء!!

دخل رجل الى القصر اميل وسمرته تشي برسمية هيئته، ويرتدي نظارات داكنة تخفي ملامحه.. قال له الاستاذ رجا: محمود هذا احمد سلامة، بكون عمه الدكتور رفعت - وكأن لا رفعت غيره هكذا احسست - بزهاء وهو خريج الاردنية من الادب العربي بدنا نعينه مندوب اعتبارا من الغد

فقال له الاستاذ محمود: تبشر اعتبارا من اليوم..

سألني القادم الذي لم اعرفه بعد: سلفيت قديش تبعد عن بلدكم؟، اجبت: سبعة كيلوميترات

قال لي: اهلا يا احمد، انا محمود الكايد.. وكأن هذا الرجل الذي ارتبط قدري به ومصيري ايضا طوال حياتي كان ابو عزمي رحمه الله شخصية مركزية لم يسبقه لها احد من حيث التأثير على حياتي…

غادر ابو العزم المكتب، ودعا الاستاذ رجا العيسى الاستاذ عوني بدر وطلب منه ان يعد لي برنامجا تدريبيا وذكر الاستاذ مجيد عصفور
والاستاذ عبدالله العتوم والاستاذ عمر عبندة

صرت صحفيا في الرأي بوظيفة (مندوب صحفي)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :