أمـيـرنا الـحـسـيـن .. مـن شـابـه أبـاه مـا ظـلـم
أحمد الحوراني
25-09-2023 12:47 AM
ليس بغريب أن يستحوذ الفكر المُعمّق الذي عبّر عنه سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني مؤخرًا في مضامين كلمته التي ألقاها خلال ترؤسه جلسة مجلس الأمن الدولي، والتي كانت عنوان «صون السلام والأمن الدوليين: دور الشباب في مكافحة التطرف العنيف وتعزيز السلام»، فالحديث أمام قادة العالم يحتاج إلى خبرة وعلوم ودراية بمدى تشعّب الموضوعات المُراد الحديث فيها، وسمو ولي العهد الذي نشأ وترعرع في كنف والده القائد والموجّه والمطّلع على شؤون العالم وقضاياه الشائكة يعرف كيف يخاطب الضمير العالمي ويعرف كيف يضع النقاط على الحروف ف? مكانها الصحيح، ويعرف أيضًا كيف يختار العنوان والموضوع الأكثر أهمية ودقة لا سيما في ظل التحديات الماثلة التي تواجه الأمة خاصة والعالم عامة، ومن هنا تجلّت غايات اختياره لموضوع الإرهاب وأهمية العمل على تحصين أبناءنا وبناتنا من الشباب ضد هذه الآفة الخطيرة التي يجب التصدي لها بقوة وحزم، وأقتبس افتتاحية كلمة سموه بقوله (إننا نواجه اليوم آفة تهدد العالم أجمع، وما من دولة مستثناة من خطر الإرهاب، فعدوه الإنسان والإنسانية بصرف النظر عن الدين أو الجنس أو العمر أو الجنسية. فالكل معني بالحرب على الإرهاب).
الأمير الحسين كان مبدعًا إلى أبعد حدود الإبداع عندما رفض اصطلاح (فئة مهمّشة) والمقصود بها الشباب ليستبدلها بإصطلاح آخر أكثر دقة ووصفًا عندما قال إنهم (فئة مستهدفة) وسموه بذلك خير من يتحدث عن الشباب لأنه أكثر من يحاورهم ويتلمس احتياجاتهم ويدرك طبيعة وحجم التحديات التي تواجههم والتيارات التي تتقاذفهم والتي لربما تجعلهم عُرضة للخطر أكثر من غيرهم، الأمر الذي يستوجب تحصينهم والعمل على استثمار طاقاتهم الخلّاقة التي يجب أن توظّف في خدمة مسيرة البناء والتنمية في المجتمعات بدلًا من أن تكون تلك الطاقات في مهب الريح ?يأتي من يستغلها على طريقة سلبية انعكاسية فتصبح مُدمِّرة للمجتمعات والقيم والأخلاق جرّاء الفراغ الذي قد يدفعها لتقبّل دعوات أصحاب الفكر الظلامي الهدّام.
المملكة الأردنية الهاشمية بقيادة جلالة الملك قامت بجهود دولية جبّارة في مكافحة الإرهاب وهي على استعداد لفعل المزيد ولا تتوانى عن التعاون مع العالم والمنظمات والهيئات الدولية والإنسانية التي تعمل في سبيل دحر هذه الظاهرة فكرًا وسلوكًا، ومن هنا جاءت تأكيدات ولي العهد على استعداد المملكة لاستضافة فعاليات المؤتمر الدولي الموسوم بـ «دور الشباب في صناعة السلام المستدام» بالشراكة مع الأمم المتحدة في شهر آب المقبل، لتعزيز قدرات «الشباب صناع السلام» في مواجهة التطرف والإرهاب، فسموّه يريد أن يقول للعالم إن الأردن كان?وسيبقى منبرًا عالميًا يدافع عن الإنسانية ويعمل ما بوسعه لإبعاد الأخطار عن بني البشر في كل مكان ذلك إن الإرهاب خطر يتجاوز الحدود ولا يقف عند حدود دولة ما ويترك الأخرى.
في أيلول من العام ألفين وتسعة عشر افتتح جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين أعمال اجتماع «حوار القادة: استجابة استراتيجية لمكافحة الخطاب المتطرف»، في نيويورك، الذي نظمه الأردن بالتعاون مع الأمم المتحدة وفرنسا ونيوزيلندا، وألقى حفظه الله كلمة قال فيها: لا يمكننا الوقوف جانبا وترك الإرهابيين يسيئون استخدام القوة الإيجابية الهائلة للتكنولوجيا والابتكار لخدمة قوى الكراهية. علينا التحرك»، مطالباً بشراكة تجمع القدرات والرؤى الاستراتيجية لشركات التكنولوجيا والمجتمع المدني والحكومات في جميع أنحاء العالم.
هذه هي المملكة الأردنية الهاشمية وتلك هي رسالتها التي يحمل دلالاتها جلالة الملك، ويؤكد عليها ولي عهده الأمين، والجميع متفقون على ضرورة تكاتف الجهود للحيلولة دون الامتداد العالمي لتهديد الإرهاب والتطرف بجميع أشكاله، الأمر الذي يتطلب التيقظ التام والمطلق في ظل صعوبة وتعقيد هذا التحدي.
Ahmad.h@yu.edu/jo
الرأي