“على بال مين يا من ترقص في العتمة”!
باسم سكجها
24-09-2023 11:30 PM
كتبتُ هذه المقالة ليلة أمس، ونويت نشرها صباح اليوم، ولكنّ ردود الفعل على ما جرى في تلك الندوة جعلني أتريّث، وأفكّر في النشر أو عدمه، وقد استقر قراري بالنشر، فهو رأيي في مطلق الأحوال…
ثلاثة من قياديي الأحزاب الجديدة، يتحدّثون في ندوة عامة أمام جمهور لم يتعدّ المائة شخص، وبالتأكيد فبعض كثير من الحضور من منظمي اللقاء، ولعلّ ذلك المشهد يعكس بؤس الحياة الحزبية، التي ستتصدّى للعمل السياسي في المرحلة المقبلة.
القادة الثلاثة كانوا أعضاء في اللجنة الملكية للتحديث السياسي، وبينهما عضوان في مجلس الأعيان، أمّا الثالث فكان عضواً في مجلس النواب، ومن الخبر الذي نُشر عن الندوة أنّ هؤلاء قدّموا تنظيراً لما يرونه سياتي في السنة المقبلة…
الطريف، في الأمر، ليس في قلّة عدد الحضور، والمفروض أنّ الأحزاب الثلاثة جماهيرية، ولكنّه في أنّ القادة الثلاثة وجّهوا نصائح إلى الشعب الأردني بأن يقتنع بالمرحلة المقبلة من الديمقراطية، وأن يشارك في العملية الانتخابية، بعد أن ينضمّ إلى الاحزاب التي ستحتلّ ثلاثين بالمائة من مقاعد مجلس النواب، حسب القانون الجديد…
كُنّا نتمنى لو أنّ القادة الثلاثة حشدوا جمهوراً من مناصريهم، على الأقلّ من أجل إثبات الحضور أمام الشاشات في استعراض للقوّة، كما يجري في الديمقراطيات، وكنّا نودّ لو أنّهم تحدّثوا عن برامجهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والادارية إذا ما قُدر لحزب منهم أن يُشكّل حكومة، ولكنّ أحد القادة تحدّث تجاوزات فساد في مال سياسي عند أحزاب منافسة، ووعد بأنّهم سيذهبون للمحاسبة، وكأنّه موظّف رفيع في دائرة رسمية مهمّة!
لسنا في وارد انتقاد الأشخاص الثلاثة، ولا في وارد الانتقاص من عمل أمانة عمان الكبرى “الشعبي السياسي!”، ولكنّنا نقول إنّ التسرّع في تأسيس الأحزاب الجديدة كان فيه من النزق والفردية الكثير، فليس الأمر في جمع تواقيع وحفلة إشهار بألف شخص في قاعة احتفالات أعراس، من أجل تكريس فرد أو عدة أفراد، بل في المحتوى الذي أرادته مسيرة التحديث السياسي، ولم يلتقطه أحد حتى الآن!
في تقديرنا أنّ هذه النتيجة لم تكن في ذهن الملك حين شكّل لجنة التحديث، وضمن نتائجها وصارت واقعاً، فقد أراد عملاً حزبياً حقيقياً، يخرج من المجتمع، ويعكس توجّهات الشارع الأردني دون تفرّعات، ولعلّ هؤلاء الذين أسسوا أحزاباً أن يقفوا ويفكّروا، فإذا كانوا في قناعة بالتحديث فليتوحدوا، وإذا أصروا على أمورهم فسوف يلاقون لحدهم السياسي مع أول انتخابات، وسيكون الشعار “على بال مين يا مَن ترقص في العتمة”،وللحديث بقية!