خاطرة حول الاحتفال بالمولد النبوي
د.رحيل الغرايبة
24-09-2023 09:46 PM
في هذا العام على وجه التحديد وقد تم الاعتداء على القرآن الذي انزل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، اكثر من مرة برعاية خاصة من بعض الدول، وتصريح رسمي منها، وأمام كل العالم ونقل وسائل الإعلام من كل الاشكال، وإعلان محاربة الحجاب وكل مظاهر الثقافة الإسلامية، بالاضافة الى تعمد الاساءة إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالرسومات المسيئة، واستمرار التشويه والطعن بالإسلام، واثارة الخلاف بين المذاهب، ونشر الأفكار المغلوطة، والطعن بالصحابة وبالشخصيات الإسلامية عبر التاريخ، وإثارة الفرقة والنعرات الإثنية والعرقية داخل الشعوب الإسلامية، والحملة ألموجهة ضد العرب، واللغة العربية، وتصوير الإسلام بأنه دين التطرف والإرهاب والعنف، من أجل تصويره أنه عدو العالم الحديث وعدو الحضارة...!!
كل هذا وأمور أخرى تجعل الإحتفال بالمولد النبوي حاجة ملحة تصل حد الضرورة .. فوددت لو تشترك كل الشعوب العربية والإسلامية بإبراز هذا الحدث والاهتمام به بأعلى درجات الاهتمام؛ من حيث نشر الزينة والاضواء وتسيير المواكب والأطفال والسيارات وإطعام الطعام والحلوى من المحلات للناس، وعقد الندوات والمؤتمرات واللقاءات والمحاضرات والمقالات عن رسالة النبي المصطفى وصفاته وسيرته، وبيان أنه جاء لإتمام مكارم الأخلاق، وأنه جاء بالرحمة لكل الناس، ولكل عوالم الأرض والسماء، والرفق بالحيوان والنبات، وانه جاء لتحرير الناس من العبودية والظلم والطغيان والإذلال، وانه جاء لحفظ كرامة الآدمي وصيانة الأعراض وتنمية الأموال، وأنه دعا إلى المؤاخاة والتسامح والتواضع، وأنه دعا للتكافل الاجتماعي والإنساني، وحرم قتل النفس والاعتداء عليها، وأنه بنى منظومة القيم النبيلة، ونهى عن اللمز والهمز والغمز والسخرية من الآخرين، وحرم الغيبة والنميمة والسعي بالفتنة بين الناس.
الاحتفال بالمولد النبوي فرصة سنوية ثمينة للتعريف بالشمائل المحمدية، وفرصة لتحبيب الخلق بشخصيته المحببة، وفرصة لتعزيز معاني القدوة في نفوس أبنائنا، وفرصة لإعادة الثقة في نفوس الأجيال بنبيهم ورسولهم وقدوتهم الأولى، فرصة لمواجهة شياطين الإنس والجن الذين يحطمون القدوات وينشرون الاحباط واليأس والقنوط في صفوف الامة..
فرصة مهمة لتذكير الامة بعنوان وحدتها وقوتها ومجدها وفخرها وصانع تاريخها الحضاري المبهر، من أجل إعادة بناء وحدتنا من جديد، وإعادة بناء أمتنا من جديد، ومن أجل إعادة لملمة اشلائنا الممزقة من جديد.
نحن مدعوون من خلال الاحتفاء بمولد النبي العربي الهاشمي الأمين أن نعيد الروح لأمتنا العربية والإسلامية ، وأن نعيد لها الثقة بقدرتها على بناء مشروعها الكبير وحمل رسالة الخير للكون كله..
وأشعر بشديد الأسف تجاه قصار النظر الذين يفتون بتحريم الاحتفال بالمولد النبوي، لأنه بدعة أو لأن النبي نفسه لم يحتفل بذلك، ولا الصحابة.. وأعتقد أنها نظرة مبتسرة، ولا تمت للفقه الصحيح بصلة.. وتدل نظرة مغرق بالسطحية، وإذا كان هناك حوار حول هذه المسألة فليكن حول كيفية الاحتفال، وما يقال وما لا يقال في هذه المناسبة، وأن يتم التركيز حول ما هو صحيح وموثق وما يعود بالفائدة على الامة وعلى الأجيال وعلى العالم كله.. بمعنى ينبغي التركيز على المضامين الجوهرية للإسلام والبعد عن الأخبار غير الصحيحة وغير الدقيقة والبعد عن الشكليات وكل ما ليس فيه نفع ولا مصلحة..