الناس ترسل برقيات للملك وأنا مثلهم أريد أن أرسل برقية... فهل سيأذن لي رئيس التحرير؟!.
أتذكر أننا كنّا نرافق الملك في جولاته على المحافظات وذات مرّة في الجنوب... سلّم علينا الملك كانت الناس تقول له: «الله يعطيك العافية يا سيدي...» وحين وصل عندي تلعثمت في الكلام وقلت: «والله يعطيك العافية يا حبيبي».
أتذكر أيضاً في .. مؤتمر الشباب قبل (5) أعوام كانت هناك جلسة حوارية، شاركت فيه وحين جلست تركوا كرسياً فارغاً وملاصقاً للكرسي الذي أجلس عليه... ظننت في البداية أن وزيراً سيأتي وكنت غارقاً في البحث عن (ولاعة) كي اشعل سيجارتي.. ثم فوجئت برجل يأتيني من الخلف ويقول لي بالهمس: «بس زيح كرسيك شوي..» ازحته قليلاً... وإذا بالملك يجلس بجانبي تماماً.. أتذكر أنه وضع يده على كتفي ونهاني عن الوقوف.. قال لي:»ارتاح سيدي ارتاح».
كانت الكراسي متلاصقة وكان مع الملك قلم ودفتر يسجل عليه الملاحظات... وأنا كنت التفت إليه كل لحظة واقول «هلا سيدي يا هلا فيك»... ويبتسم وفي لُجة حديث المشاركين عن دور الشباب لفت انتباهي وجود خيط على الكمّ الأيمن للبدله... وبحركة لا ارادية ازلته.. نعم ازلت الخيط فابتسم الملك... بعد ذلك غادر.. اتذكر اني كنت اريد القول له: «خليك وين رايح»... ولكن الكلام خانني.
ماذا تفعل الآن أيها الملك؟
أعرف أنك تقرأ في التقارير، وتتابع كل صغيرة وكبيرة... وأعرف أن صدرك يتسع.. وأعرف أن القلب وان اعتراه التعب إلاّ أنه قلب عاشق..
أتذكر... انني والشاعر العراقي عباس صيجان... كنا بمعيتك قبل أعوام في البادية... أتذكر أن الوقت كان «رمضان» وحين انهيت البرنامج المخصص... جاء موعد الافطار فتسللنا أنا وعباس إلى المنسف الذي تقف عليه... كان الناس يتحدثون معك، وكلما حاولت وضع اللقمة في فمك كنت تعيدها لأن رجلاً لديه مطلبٌ أو حاجة... وأنا كنت أنظر إليك.. كان بودي أن «أفتّ» أو انثر لك قليلاً من اللحم... صدقني أني لم آكل أيضاً، وكلّما داهمتني نظرة من عينيك كنت أقول: «كُلّ سيدي.. كُلّ»...
أتذكر.. أنّ ذاك اليوم كان حاراً وكان العرق قد شكّل مسارباً على جبهتك والتعب بدا واضحاً..
سيدي أعرف انك تسامح حتى وان تجاوز البعض وأعرف... أن المرحلة ستمضي وأعرف أيضاً أن الجو وإن تلبّد بالغيوم ولكن شمساً ستسطع... وأريد أن اطمئن على اكمام الجاكيت ان كان عليها بعض الخيوط.... فاسمحلي أن ازيلها... لن يزيلها غيري.
أنا مثلي مثل كل الناس أريد أن أبعث لك برقية.... وأريد أن اخطأ واتلعثم وبدلاً من أن اقول لك: «يعطيك العافية يا سيدي»... أريد القول: «يعطيك العافية يا حبيبي».
أبي وصديقي ومليكي أنا معك بالحرف والقلب والوريد معك في كل شيء... ماذا تتوقع من رجلٍ يغار من خيطٍ زائد على أكمام جاكيتك..
على كل حال... نصّ البرقية التي أودّ إرسالها إليك هو: «يعطيك العافية يا حبيبي»..
hadimajali@hotmail.com
(الرأي)