مع كل تكليف جديد لتشكيل حكومة هناك فرصة للتغير والتطوير، والهم أن يكون التغير للأفضل كرؤية تفاؤلية لتحقيق أهداف تنعكس ايجابا على الوطن وبالتالي على المواطن، الأهداف عدة ومتنوعة وقد تكون مترابطة ومتسلسلة ومنها المهم والأهم.
لربما قضية مقالي ليست من الأهم ولكنها مهمة بصرف النظر عن النسبية، لذا أضعها أمام دولة رئيس الوزراء د. معروف البخيت (أبو سليمان) من خلال مساعديه ومستشاريه، القضية هي الكنيسة الرومية الأرثوذكسية المقدسية الملقبة بأم الكنائس كلقب تاريخي وتاريخي فقط للأسف، فمع الأيام أفرغ اللقب من معناه الفعلي وما عادت أم الكنائس، أفرغت الأمومة الحقيقية للكنيسة من خلال الابتعاد عن جوهر قوانين الرسل الأوائل الذين أصاغو أنظمة وقوانين الكنيسة من روح العقيدة المسيحية وبموهبة الروح القدس التي نؤمن بها.
نتفق أن مئات السنين قد مرت والدنيا في تبدل مستمر ومر على الكنيسة ظروف قاسية واطرابات عدة الى أن وجدت القوانين والأنظمة المستحدثة لغاية ترتيب علاقة الكنيسة بالمحيط الجديد كالدولة أوالجغرافيا وبعض القضايا التي تعتبر داخلية وغيرها، كالقانون الأردني لبطريركية الروم الأرثوذكس رقم 27\ لعام 1958 وقبلها التفاهمات الانجليزية زمن الانتداب والعثمانية وهكذا، ولكن هذا التحول أو التكيف ليس سببا لأن يفقد المسيحي العربي الأرثوذكسي ابن الأرض وابن الكنيسة المحلية الوطنية بامتياز رابط البنوة مع كنيسته وأن يشعر نفسه غريبا مستبعدا ضعيفا وأحيانا كثيرة مجرد ضيف، والفكرة أن تطبيق القوانين ولربما تعديلها جاء لتمكين الرعية من كنيستهم.
المشكل في أننا كعاديين من أبناء الرعية نشاهد من بعيد ونتابع متأخرين دون "حول ولا قوة" ونترك بارادتنا بعضا من الشخصيات التي تعتبر نفسها متقدمة أو ضليعة أو فهيمة أو قريبة من دائرة قرار معينة! أن تتعاطى في الشؤون الكنسية والرعائية هي نفسها بعيدة عنها "كبعد المشرق عن المغرب" فالنواجه الحقيقة ونضع النقاط على الحروف ونفرق بين أبناء الرعية الفعليين وليس الاسميين أدعو هؤلاء الاسميين للصمت وليتنحوا جانبا، فليس هم من يعمل في الجمعيات والهيئات والمؤسسات الأرثوذكسية الثقافية والخيرية والتعليمية العريقة خدمة للمجتع الداخلي والخارجي وليس هم من يلتقون ويحتكون بابناء الرعية بشكل مباشر ومستمر وليس هم من يقضون الساعات بين الشبيبة وأبناء مدارس الأحد، وليس هم من يدركون هم الرعية وقلقها وتطلعاتها، اذا من هؤلاء؟ فالتخرج الشخصيات الحقيقية العلمانية الكنسية العامله أصحاب الخبرة وتسأل نفسها أين وصلت كنيستنا برئآستها الروحية (ادارتها) الجديدة؟ فمنذ صيف 2005 الى اللحظة لم نلمس تقدم يذكر وأعتقد أنه من المفروض خلال 3 – 5 أعوام كخطة عمل قصيرة الأمد أن نلحظ تقدما ما! لن نختبأ وراء مقولات بائسة قاتمة ظلالية تقول أن "مئات السنين من التراجع تحتاج لفترات طويلة من الاصلاح" نعم قد تحتاج الى آلاف السنين ان بقينا قاعدين نندب الحظ، فهل تبني الشباب والبنات من أبناء الرعية الراغبين بالرهبنة يحتاج الى مئات السنين والى قرارات سياسية دولية؟ بدلا من (تطفيشهم) بشكل منظم ليتركوا كنيستهم الأم وتتلقفهم كنائس أخرى شقيقة! الى اللحظة لسنا على يقين بمستقبل (دير السيدة العذراء –دبين) ومستقبل الراهبات هناك؟ أما اتكالنا على الله وايماننا بقدرته عظيمة، الى اللحظة لا نعلم ماهو مستقبل دير القديس يوحنا المعمدان في المغطس الذي انتهى تجهيزه قبل أكثر من عام؟ لماذا لا يبدأ باستقبال طالبي الرهبنة من أبنائنا أو بناتنا؟ أم أنه أصبح فقط ديرا شكليا وللزيارة فقط؟ أين المستشفى الأرثوذكسي الذي نحلم به منذ عقود طويلة ليخدم مجتمعنا المحلي المتنوع على غرار المستشفى الايطالي مثلا؟ أين سلسلة المدارس الأرثوذكسية المتقدمة التي تتميز بتعليم ثقافات الآخر كاليونانية والفرنسية وتخرج نخبة متميزة من الطلبة؟ أين المدرسة الاكليريكية التي ترفد الكنيسة برجال الدين المؤهلين؟ أين الجامعة؟ وأين وأين؟ هل هذا حلم صعب المنال؟ هل نتكلم بالمستحيل؟ هل نتعاطى مع قضايا فضائية أو نووية؟
خلال العشرة أعوام المنصرمة وأكثر بقليل، قامت الرعية في الأردن وعلى نفقتها، وأحيانا أخرى بدعم بسيط جدا من الرئاسات الروحية المتعاقبه أو هيئات أخرى ذات علاقة بتشيد الكنائس وبعض المشاريع وأذكر منها: دير السيدة العذراء في دبين، كنيسة القديسين قسطنطين وهيلانة في مرج الحمام، كنيسة القديس نكتاريوس في الصويفية، كنيسة القديسة هيلانة في أبو نصير، كنيسة الصعود في خلدا، كنيسة القديس نيقولاوس في ماركا قيد الانشاء، كنيسة القديس يوحنا المعمدان في المغطس، دير القديس يوحنا المعمدان في المغطس، معمل الدير للألبان والأجبان في عجلون، مشروع التوسعة في مدرسة الروم الأرثوذكس في الزرقاء، الكنيسة والمدرسة الجديدتين قيد الانشاء في مأدبا، كنيسة الروح القدس قيد الانشاء في عجلون، ترميم وصيانة معظم كنائس الشمال والجنوب، مشروع التوسعة في المدرسة الوطنية الأرثوذكسية في الشميساني، فالتفتخر الرعية بانجازاتها وتقرر بأنه قد حان الآوان لتطويرما قدمت لتستفيد بشكل مباشر من انجازاتها ولينعكس هذا الاستثمار في البشرلا بالحجر، الرعية التي فعلت وأنجزت هذا هل هي عاجزة عن تحقيق ما ذكرنا أعلاه من طموح؟
الكنيسة فيها مستنيرين ونهضويين من رجال دين أفاضل والتي مازالت أيدهم تعمل لأجل الرعية والكنيسة والمجتمع وهم كثر نذكر منهم على سبيل المثال الأرشمندريت اينيكنديوس اكسرخوس الذي بدء العمل في مدينة مأدبا نهاية عام 1994 بداية عام 1995، هذا الأب كاداري وأكاديمي صاحب رؤية آمن بقدرة أهل البلد فأنشئت المدرسة الكبيرة وروضة الأطفال وتقدم مستوى التعليم ونتائج الطلبه، الأرشمندريت خريستوفورس عطالله كلاهوتي عميق وكأب روحي جليل تبنى رعيته فقام الدير الأرثوذكسي الأول في الأردن ووضع اللبنة الأولى لنهضة روحية، هكذا أسماء يجب أن تكون في مواقعها الصحيحة في الكنيسة، لا أن تحجم وتحاصر أو تعاقب أو تستبعد!
لا وقت اضافي للرئآسة الروحية، فالاصلاح يجب أن يبدأ، نعم نقول الاصلاح لأن اعوجاجا كبيرا أصاب حالنا من طريقة ادارة الكنيسة باسلوب فردي، الاصلاح اولا والتطوير ثانيا.
وقف أجدادنا خلف البطريرك صفرونيوس الدمشقي الأصل عند باب بيت المقدس لاستقبال أمير المؤمنين (عمر بن الخطاب رضي الله عنه) وهناك كانت العهدة التاريخية الشهيرة "العهدة العمرية" نحن أنفسنا لم نتغير أو نتبدل نحن أحفاد من استقبل الفاروق نحن لم نفقد هويتنا كما نتهم، كلنا ثقة بدولتنا وقيادتنا القيمة على الأوقاف والمقدسات الاسلامية والمسيحية ونتمنى على حكومتنا الجديدة سماع صوت الرعية الحقيقي "من راس النبع"
تعريفات:
· الأرشمندريت: لقب كهنوتيي\كنسيي (أرثوذكسي) متقدم ومعناه الرئيس، وجب على حاملها أن يكون راهبا بتول وهو مؤهل كفرصة لنيل درجة الأسقفية (مطران)
· العلماني: من هو ليس من السلك الكهنوتي
· المدرسة الاكليريكية: المدرسة او الكلية التي تدرس علوم ومناهج اللاهوت للطلبة
· الرومية: من كلمة روم كاسم أخذته الكنيسة زمن الامبراطورية الرومية البيزنطية المسيحية التي كانت في المنطقة وهي التي ضمت تحت كنفها اليونان والأعراب والأقباط والسريان وغيرهم، والآن الرومية ككلمة تمثل الارث الرومي كعقيدة وطقس كنسي وليست ذات بعد عرقي.
karsheh_80@hotmail.com