ثمن منصب السفير ..
وليم سلايطة/ديترويت/امريكا
09-02-2011 10:28 PM
بعد ايام معدودة من الاستقالة الاضطرارية ل "سنثيا ستراوم" سفيرة الولايات المتحدة في "لوكسمبرغ"، اصدر المفتش العام في وزارة الخارجية الاميركية تقريراً مفصلاً وصف فيه فترة تولي السيدة سترواس لمنصب "السفير الاميركي في لوكسمبرغ" بأنها كارثة.
سنثيا ستراوم من سيدات مجتمع "سياتل" المخملي واحدى اكثر النساء العاملات ثروة وجاهاً. كانت على قائمة كبار الداعمين والمتبرعين لحملة باراك اوباما الانتخابية عام الفين وثمانية. كافأها الرئيس باراك اوباما بتعينها سفيرة للولايات المتحدة في اصغر واغنى دولة تقع في قلب اوروبا الغربية "لوكسمبرغ" هذه الدولة "المدينة" التاريخية التي تعتبر مركزاً للعديد من الهيئات والمنظمات الاوروبية الهامة ومنها الاتحاد الاوروبي.
اوقعت ستراوم الرعب والفزع في قلوب موظفي السفارة خلال خدمتها منذ نهاية عام الفين وتسعة وكادت أن تحدث شرخاً وتوتراً في العلاقات بين الولايات المتحدة ولوكسمبرغ ، بعد ان وضعت جانباً تعليمات الخارجية الاميركية التي يدار بها عمل السفارة اليومي وفرضت بالقوة تعليمات غريبة عجيبة بأسلوب الترهيب ومنطق البلطجة. بدأت بمراقبة الرسائل الالكترونية والمكالمات الهاتفية واستحداث تعليمات اخرى تحد من الحركة وتحول دون تواصل الموظفين مع بعضهم واقرت بنفسها "فرامانات" للعقاب والثواب لمن يجرؤ على المخالفة والتحدي.
واشار تقرير الخارجية الاميركي الذي جاء في ستين صفحة، الى سوء ادارة السفيرة وافتقارها الى اللياقة والدبلوماسية اللتين تقتضيهما مسؤوليات السفير. وان الاسلوب الاداري المعتمد على المواجهة الشخصية التي اتبعته ستراوم ادى الى خلق محيط عدائي داخل السفارة وتدني في مستويات الاداء المهني لطاقم السفارة.
اربعة من موظفي السفارة اصابهم الاحباط واصبحت وظائفهم مهددة بالخطر وطالبوا رسمياً الانتقال الى مراكز اخرى. وقالوا انهم يفضلو الانتقال للعمل في السفارة الاميركية في افغانستان او العراق من البقاء في لوكسمبرغ. لم تكتف ستراوم بخلق اجواء عدائية داخل السفارة، بل بالغت خلال عام من الخدمة في البذخ والانفاق على الرحلات غير المبررة وشراء الكحول واقامة الحفلات الصاخبة.
عشرات من السفراء الاخرين الذين دفعوا الاموال الطائلة ثمناً لمناصب حساسة من بينهم رجل الاعمال العربي الاميركي من ديترويت يوسف الغفري الذي تبرع بسخاء لحملة الرئيس السابق جورج بوش. سفير اميركي اخر هو جون هنتمن حاكم ولاية يوتا السابق اختاره باراك اوباما قبل عام سفيراً للولايات المتحدة لدى الصين. اعلن، هو الاخر مباشرة بعد نشر تقرير الخارجية الاميركية عزمه على الاستقالة في نيسان القادم، غير انه عزا سبب الاستقالة عن نيته لمنافسة اوباما في الانتخابات الرئاسية العام القادم الفين واثني عشر.
السفارة الاميركية في لوكسمبرغ هي احدى السفارات الاميركية المخصصة لشخصيات من خارج السلك الدبلوماسي. خلال الخمسين عاماً الماضية خدم واحد وعشرون سفيراً اميركياً في لوكسمبرغ من بينهم ثلاثة فقط من العاملين في وزارة الخارجية، والباقين من اصدقاء ومعارف ومؤيدي الرؤساء الاميركيين.
سلوك السفيرة ستراوم، وسياسة التخبط والترهيب التي مارستها خلال عام من الخدمة سببت احراجاً لادارة الرئيس باراك اوباما، كما احدثت قلقاً بين اعضاء مجلسي الشيوخ والنواب في الكونغرس من كلا الحزبين. هذا القلق الذي عكسه تقرير المفتش العام لوزارة الخارجيو الاميركية الذي يبدو انه سيمهد الطريق امام نقاش داخل ردهات الكونغرس من اجل اعادة النظر في الاجراءات التقليدية التي تمنح الرؤساء الاميركيين حق تنصيب سفراء من خارج السلك الدبلوماسي. وغالباً ما تمنح هذه المناصب الهامة والحساسة للاصدقاء والمقربين واصحاب المصالح او في احيان كثيرة لمن يدعمون بالاموال الحملات الانتخابية لمرشحي الرئاسة. هذه الاجراءات المتبعة منذ عقود تخلق توتراً غير معلن بين صفوف العاملين في وزارة الخارجية ممن يفقدون فرص الوصول الى هذه المناصب بالرغم من احقيتهم، وكفأتهم وقدراتهم المهنية الفائقة.
Williams@myacc.org