رحلة الرسالة التي بعثها الثائر المصري انيس البيطار من متاريس باريس وقيادة كومونتها الشهيرة في العام 1871 استغرقت 140 عاما لتبلغ ميدان التحرير في قلب قاهرة المعز.
قرأت مصر نصف رسالة البيطار في العام 1882 فاندفعت ثائرة بقيادة الخالد احمد عرابي الذي اقسم قسمه الشهير: لقد خلقنا الله أحرارًا، ولم يخلقنا تراثًا أو عقارًا؛ فوالله الذي لا إله إلا هو، لا نُورَّث، ولا نُستعبَد بعد اليوم.
الخديوي توفيق رد على ثورة عرابي ومطالبها، قائلا: كل هذه الطلبات لا حق لكم فيها، وأنا ورثت ملك هذه البلاد عن آبائي وأجدادي، وما انتم إلا عبيد إحساننا.
اجهض الاستبداد الاقطاعي بالتحالف مع المستعمر الاجنبي، ثورة عرابي، بعد ان ان اجرى مناقلات بين شخوصه مثلما اقدم النظام في القاهرة قبل ايام.
اليوم بعد 140 عاما استوعبت مصر كامل مرامي رسالة البيطار وثورته فاندفعت ملايين المحروسة الى الميادين والمتاريس لتلقي عن كاهلها نظاما استبد طويلا ولتقطع مع الماضي الاستبدادي نهائيا.
اما النظام المستبد باجهزته كافة فيرد بعد اسبوعين من الثورة بلسان عمر سليمان الاثير لقلب اسرائيل بلغة الاستعلاء والعبودية الخديوية بان "الرئيس" لا فض فوه "يتعهد بعدم ملاحقة المتظاهرين".
مصر قالت في ردها على مبارك الذي لم يفهم رسالة الثورة: سنلاحقه وسنحاكمه هو ونظامه. فلا مبارك ولا سليمان ورثة الخديوي المقبور.
غدا سنرى "الرئيس" وزبانية نظامه المترنح اذلاء ماثلين امام القضاء لا يستحقون رأفة.
سيحاكمون على قائمة تهم هي سنوات الحكم الطغياني، منذ العام 1952 وحملات التعذيب والتقتيل واخراس المصريين وبعد ذلك اختطاف مصر الى جيوب النهابين وايداعها في مستنقع كامب ديفيد وتجويع شعبها العظيم . سيحاكمون لانهم ابعدوا مصر عن دورها القيادي وزعامتها في الامة. عن حصار غزة ومحالفة العدو وعن الفتنة الطائفية وشرورها ومذابحها باوامر "الزعيم" ووزراء داخليته ومباحثه.
غدا ستحاكمهم مصر جميعا بعد ان تطهرت من صمتها بثورة لن تبقي ولن تذر من نظام الزيف والنهب والخنوع.