يوم السياحة العالمي: سياحة أردنية خضراء ورؤية مستقبلية
أ.د محمد وهيب
22-09-2023 05:57 PM
أطلقت منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة يوم السياحة العالمي في اجتماع عُقد في إسبانيا عام 1980، وقد تم اختيار هذا التاريخ ليتزامن مع الذكرى العاشرة لاعتماد النظام الأساسي لمنظمة السياحة العالمية في 27 سبتمبر 1970.
ويحتفل العالم بيوم السياحة العالمي في 27 سبتمبر لتجديد الاهتمام بالمنجزات السياحية التي تمت خلال الأعوام الماضية واستشراف المستقبل بمبادرات ومشاريع تواكب الحداثة والمستقبل وتعالج قضايا هامة ترتبط بالاقتصاديات السياحية والتي أصبحت دول العالم تعول عليها بشكل رئيسي في النهوض ليس في قطاع السياحة فحسب بل في كافة القطاعات لتقود السياحة بذلك النهضة الاقتصادية وخاصة السياحة البيئية أو الطبيعية ، حيث يزداد الطلب العالمي على هذا النوع من أنواع السياحة المتعددة والتي تنتشر في كافة دول العالم بأشكال وأنواع متعددة وتشمل عناصر كثيرة تتميز بها بلدان العالم وتشكل نقاط جذب رئيسية للزوار.
والحديث عن المشاريع التي تم طرحها هنا وهناك وشاركت بها وزارات ومؤسسات وجامعات ومراكز ومعاهد أبحاث وجمعيات ملكية وخيرية ومنظمات مجتمع مدني أردنية تؤكد أن الأردن يسير بخطوات متسارعة نحو الريادة في عالم السياحة الخضراء بالرغم من محدودية المساحات الخضراء التي يمتلكها الأردن ، وإذا ما قورنت الجهود المبذولة بالنهوض بهذا القطاع نسبة إلى حجم المساحات الخضراء المتواجدة على أرض الأردن نجد أن الأردن من أوائل دول العالم التي تكرس الاهتمام بالحفاظ على البيئة وتنميتها والاستفادة من اقتصادياتها ضمن شروط محددة.
أن دعم المبادرات البيئية يحتاج إلى استدامة في التمويل، ما يستدعي من الجهات العاملة في هذا القطاع السعي نحو إنشاء محميات أو أوقاف متنوعة، تدر دخلا ثابتا ومستداما إلى جانب تبرعات المحسنين وأهل الخير ومحبي الطبيعة ، وقد أصبح لدينا من الإمكانات المتوفرة مثل القوى البشرية المدربة والمؤهلة والتي تقود الكثير من المشاريع البيئية في الأردن وفي عالمنا العربي بكفاءة واقتدار.
الاحتفال بيوم السياحة العالمي يبدأ بتقييم المنجزات العام المنصرم وتفحص عناصر القوة والضعف في خارطة الطريق التي تم اعتمادها كموجه واضح المعالم في تغيير وتحسين الواقع إلى الأفضل وخاصة الاستثمار السياحي في مجال البيئة ، والتركيز على الاستثمار الأخضر، ضمن شمولية مع قطاعات السياحة الأخرى والوصول إلى المناطق التي تواجه بيئتها مخاطر وإعطائها الأولوية بحيث تسهم المجتمعات المحلية في الحفاظ على البيئة المجاورة والمحيطة بها في مجال التعليم ، والتدريب ، وبناء الكفاءات القادرة على القيام بالمهام ، وتحقيق الأهداف ومن أبرزها الاستدامة الخضراء للبيئة الأردنية ، وكيفية التعامل مع الكوارث والتغيرات المناخية التي تطرح نفسها بقوة على أرض الواقع في أيامنا الحاضرة. إن الاحتفال بيوم السياحة العالمي يحتاج إلى مبادرات تجسد ثقافة الحفاظ على البيئة ومنها إنشاء "المسارات البيئية" في كل وادي من أودية المملكة يأخذ بعين الاعتبار البيئة المبنية التراثية وسبل إشراك الشباب في قيادتها وترويجها وتمكين المرأة في تلك الأودية وجوارها للمساهمة بشكل فاعل ، ولنأخذ على سبيل المثال في البلقاء مبادرة مسار وادي شعيب البيئي وعناصره المتنوعة التي لا يوجد لها شبيه في مناطق أخرى (مسار الإيلاف القرشي الأخضر) وفي عمان إطلاق مسار الوادي الأخضر / الشيخ الأخضر والذي يعزز البيئة والقيم الإنسانية التي حافظت على البيئة على مر العصور وهي تجربة ناجحة تم تجربتها في الامارات ، حيث يمتلك الوادي المزارع والمياه والبيئه الطبيعية فيما اصبح يعرف اليوم بسياحة المزارع، والتي تحظى باهتمام واسع الانتشار في القرى والارياف الأردنية وتحقق دخلا اقتصاديا وفرص عمل للشباب وتحافظ على البيئة الطبيعية، وفي الزرقاء فان بيرين وجوارها منجما بيئيا يحتاج لخارطة طريق بيئيه شاملة بحيث تمكن الزائر من الوصول الى المناطق المتميزه والنادره بالغطاء النباتي والعناصر الطبيعية التي جعلت من بيرين مستقرا بشريا منذ العصور الحجرية ، و اطلق عليها المسرات كناية عن السرور والصحة والعافية التي يتمتع بها المقيم ( مسار المسرات البيئي )
واخيرا ان احتفالنا بيوم السياحة العالمي ضمن مفهوم الاستثمار الأخضر والسياحة 2023ينطلق اليوم من حاجتنا الملحة لانشاء (متحف تاريخ الحياة الطبيعية الأردني) ، فلقد تنوعت الاكتشافات وتعددت في مجال الديناصورات الضخمة ، والزواحف ، والطيور ، واجمالا عالم المستحاثات والتنوع الحيوي، وسيكون له بالغ الاثر في تنمية اقتصاديات السياحة الاردنيه ، الى جانب متاحفنا التاريخيه والوطنية المنتشرة في ارجاء الوطن وبذلك نحقق النجاح المنشود ونحن نسير وفق رؤى جلالة الملك عبدالله الثاني لتحقيق الامال المستقبلية وليكون الاردن دومً في المقدمة.