يميل قلبك يا صديقي لمن يحتويه ويحنو عليه، فالنفس تميل دائماً لمن يفهمها ويدللها.. فتأسرك الكلمة الطيبة العذبة، وتجذبك الأفعال النابعة من شهامة أصله.. وأنت الذي لا حول لك ولا قوة.. ليبدأو بعدها في التوغل تدريجيًا في قلبك حتى تستوطن جذورهم فيه، ويثبتوا أركانهم بشكل محكم.. فتبدأ أنت بعدها باستئمانهم على قلبك، فتسلِّم مفاتيحه لهم.
هي لحظة طيش غير متوقعة وبكامل عفويتك واندفاعك، أخذت فيها قرارً مصيريًّا، بأن تسكنهم روحك النقية العذبة؛ ظنًّا منك أنهم أهلًا لها، متجاهلًا ما يقال بأن تختار خليل قلبك بدقة فليست كل القلوب بالقلوب تليق.. فإذا بك تسقط في هاوية لا يسكنها سوى الظلام الحالك، فقد كنت تتمسك بخيوطٍ واهنة بكل قوتك، فدفعت ثمن ثقتك العمياء بهم.
لم تكن تعلم أنهم مجرد عابرين جاؤوا لتمضية وقتهم في التسلية واللهو غير آبهين.. وعندما انتهوا لملموا أشياءهم وذهبوا، تاركين خلفهم أبواب قلبك مفتوحة على مصرعيها، وقد امتلأ قلبك بصدوع الخراب والدمار.. عندها أخذت على عاتقك أن تغلقها، لكن هذه المرة للأبد، فترمي بمفاتيحها في عرض البحر، وتحتفظ بما تبقَّى من قلبك في المنارة العالية، حتى لا يطاله أحد.. فإن الخراب إن طال القلوب، لن يعمرها الحب فتنطفئ وتبقى موصدة كالقلعة المهجورة في مهب الريح.