التزام عالمي .. اتحاد قادة العالم من أجل الوقاية من الجوائح والتأهب لها
الدكتور مهند النسور
21-09-2023 08:53 PM
في أعقاب جائحة كوفيد-19 المدمرة، اجتمع قادة العالم ليظهروا التزامهم بشكل واضح لا لبس فيه للحد من حدوث الأوبئة في المستقبل واتخاذ جميع اجراءات الاستعداد والاستجابة للتعامل معها في حال حدوثها من خلال التعاون والحوكمة والاستثمار غير المسبوق في القدرات البشرية واللوجستية والمخبرية. لقد أظهرت الدروس المستفادة من جائحة كوفيد-19 الحاجة الماسة إلى جبهة عالمية موحدة لمكافحة الأمراض السارية، وهنا يبدو جليا أهمية هذا الالتزام والخطوات التي يجري اتخاذها لضمان عالم أكثر أمانا وقدرة على الصمود في مواجهة الأوبئة المستقبلية.
لقد كانت جائحة كوفيد -19 بمثابة تذكير صارخ للعالم أجمع بأن الجوائح لا تعترف بالحدود ولا تلتزم بها، وأن وجود فيروس في أي منطقة يعني أنه سينتشر بسرعة كبيرة إلى كل ركن من أركان العالم، مما يؤدى إلى شلل في أنظمة الرعاية الصحية واقتصاد الدول وفقدان الكثير من الأرواح. واستجابة لهذا التهديد العالمي المشترك، فقد أقر قادة العالم بالأهمية القصوى للتعاون بين الدول والالتزام بالتنسيق وسرعة تبادل المعلومات والخبرات والموارد المختلفة عبر الحدود، مما يعني تنسيق الجهود لتطوير وتوزيع اللقاحات والعلاجات وأدوات التشخيص بشكل منصف بين كافة بلدان وقارات العالم، كما يتضمن دعم البلدان ذات البنية التحتية الضعيفة للرعاية الصحية لتعزيز قدرتها على الاستجابة للجوائح والأوبئة المختلفة.
يدرك قادة العالم الحاجة إلى تحسين هياكل الحوكمة العالمية المتعلقة في طوارئ الصحة العامة، ويشمل ذلك إدخال تحسينات على المنظمات الدولية لجعلها أكثر فعالية وقدرة على الاستجابة للأزمات، وإيجاد آليات عمل فاعلة تمكن الدول اكتشاف التهديدات الصحية الناشئة وتقييمها والاستجابة لها بالسرعة المطلوبة. إضافة إلى ذلك، يركز قادة الدول على إنشاء ودعم الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تسهل التعاون أثناء الجوائح والأوبئة. وتهدف هذه الاتفاقيات والمعاهدات إلى ضمان استعداد البلدان بشكل أفضل لتبادل البيانات ونشر الموارد وإنفاذ التدابير لاحتواء انتشار الأمراض المهددات الصحية بكفاءة وفاعلية. ويعد الاستثمار في القدرات البشرية واللوجستية أحد أهم جوانب التزام قادة العالم على مواجهة الجوائح والتهديدات الصحية. حيث كشفت جائحة كوفيد-19 عن نقاط ضعف في أنظمة الرعاية الصحية وسلاسل التوريد في جميع أنحاء العالم، مما يضع المسؤولية على الجميع للعمل سويا لمعالجة هذه النقاط المختلفة. حيث تعد العدالة في توزيع اللقاحات من أبرز نقاط الضعف التي عانت منها الكثير من البلدان، وعلى العالم بذل الجهود الرامية إلى ضمان توزيع اللقاحات بشكل منصف على جميع البلدان، بغض النظر عن وضعها الاقتصادي في حال ظهور أي من التهديدات الصحية الجديدة أو الجوائح المستقبلية. إن البنية التحتية للأنظمة الصحية تفرض على قادة العالم ضرورة الاستثمار في تعزيز البنية التحتية للرعاية الصحية في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. وتشمل هذه الاستثمارات بناء وتجهيز مرافق الرعاية الصحية، وتدريب العاملين في مجال الرعاية الصحية، وضمان الوصول إلى الإمدادات الطبية الأساسية، ولا يمكننا أن نغفل عن دور البحث والتطوير والذي يحتاج من قادة العالم زيادة التمويل في مجالات الصحة العامة ومتطلباتها المتنوعة مما يمكن العالم من الاستجابة الفاعلة والكفؤه وبسرعة أكبر للتهديدات الصحية الناشئة.
بالرغم من التداعيات المختلفة لجائحة كوفيد- 19، فقد كانت بمثابة تذكير واقعي بالمخاطر التي نواجهها وتحفيز للعمل المشترك والتعاون العالمي على نطاق غير مسبوق. وبذلك يسعى قادة العالم جاهدين في إطار الدورة 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة لخلق عالم أفضل تجهيزا للوقاية من الجوائح والتهديدات الصحية والأوبئة المستقبلية والاستعداد والاستجابة لها. وهم بذلك لا يفون بمسؤوليتهم عن حماية صحة مواطنيهم ورفاههم فحسب، بل يظهرون أيضا أهمية التعاون العالمي المشترك في مواجهة التحديات الصحية المختلفة.