اثراء تكنولوجيا الاتصال والمعلومات للتعليم الجامعي
أ.د عبد الرزاق الدليمي
21-09-2023 08:52 PM
ساهمت الثورة الاتصالية التكنولوجية الرقمية في احداث تغيرات مهمة في القضايا البيئية والاجتماعية وغيرها حول العالم. مع ذلك نجد في سياق مؤسسات التعليم العالي بأعتبارها من أصحاب المصلحة الرئيسية في التنمية المستدامة هناك فجوة نظرية فيما يتعلق بالمراجعات المنهجية سيما بتحديد صورة المستقبل. ومن اجل تحقيق هذا الهدف ، نحاول في هذه المقالة استكشاف كيف يمكن للتكنلوجية الرقمية (DT) أن تساهم في استدامة مؤسسات التعليم العالي من خلال تحديد الحالة العامة لاعتماد التدريس ، ووجهات النظر النظرية في هذا المجال ، والرؤى البحثية المستقبلية التي تهتم بمراجعة الأدبيات حول هذا الموضوع ، التي توفر رؤى نظرية للمؤسسات الأكاديمية ، وتوجه الاستدامة والممارسات الرقمية في التدريس في مؤسسات التعليم العالي .
النظرة القاصرة للموضوع
لايزال هناك من ينظر إلى التكنولوجيا الرقمية فى التعليم العالى بطريقة قاصرة ، رغن انها باتت أداة تقنية مُكملة وداعمة ومُحدثة للعملية التنظيمية والتعليمية والبحثية بالجامعات، وسيتزايد الاعتماد عليها مستقبلًا فى ظل المناخ الكونى المعرفى الحديث، والبيئة التعليمية الجديدة بالألفية الثالثة ناهيك عن الكوارث الصحية والطبيعية المصنعة تكنلوجيا المتوقع حدوثها؟! .
يمكن لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT) أن تكمل، وتثري وتسير بالتعليم نحو الأفضل،وهذا ما تحاول جهات عديدة ابرزها اليونسكو في حدود صلاحياتها باعتبارها منظمة الأمم المتحدة الرائدة في مجال التعليم، ان توجه الجهود الدولية لمساعدة البلدان على فهم الدور الذي يمكن أن تؤديه هذه التكنولوجيا في تسريع التقدم نحو تحقيق الهدف 4 من أهداف التنمية المستدامة (SDG4) ، وهي رؤية جرى التسليط عليها في إعلان مؤتمر تشينغداو (الصين) عام 2015.
تكنولوجيا حصول الجميع على التعليم
تتقاسم جهات عديدة المعرفة بالطرق العديدة التي يمكن أن تسهل بها التكنولوجيا حصول الجميع على التعليم، وردم الفجوات في التعلم، وبناء قدرات المعلمين، وتحسين جودة وأهمية التعلم، وتعزيز الإدماج، وتحسين إدارة التعليم وحوكمته. على سبيل المثال لا الحصر تقوم اليونسكو بمسح عالمي، بحثًا عن أدلة على نجاح تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الممارسات التعليمية - سواء في المدارس الابتدائية منخفضة الموارد أو الجامعات في البلدان المرتفعة الدخل أو المراكز المهنية – لوضع الخطوط العريضة للعمل في هذا المجال.كما تساعد الحكومات وأصحاب المصلحة الآخرين على الإستفادة من التكنولوجيا للتعلم، من خلال أنشطة بناء القدرات، والمشورة الفنية، والمطبوعات، والأعمال الميدانية، والمؤتمرات الدولية مثل المؤتمر الدولي حول الذكاء الاصطناعي والتعليم، وأسبوع اليونسكو للتعلّم بالأجهزة المحمولة ويندرج الذكاء الاصطناعي في عداد القضايا التي تشغل جميع القطاعات الاجتماعية والاقتصادية بما فيها ميدان التربية والتعليم.
ثورة تطال الأدوات التربوية والتعليمية
هناك قناعات بأن الذكاء الاصطناعي يحقق تغييراً جذرياً في مجال التعليم. وان ثورة تطال الأدوات التربوية وسبُل التعلّم والانتفاع بالمعارف وعملية إعداد المختصين بالتعليم بكل مراحله ،إذ يمكن للذكاء الاصطناعي المساعدة في تسريع عملية بلوغ أهداف التعليم العالمية من خلال الحد من العوائق التي تعترض سبيل التعلّم، وأتمتة الإجراءات الإدارية، وإتاحة أفضل السبل الكفيلة بتحسين نتائج التعلم.ومن هذا المنطلق، خصّص أسبوع التعلم بالأجهزة المحمولة في نسخته التي نظمت في آذار/مارس 2019، لموضوع الذكاء الاصطناعي وآثاره على التنمية المستدامة.
وركزت الجهود على ضمان تمتّع الجميع على نحو عادل ومنصف بالذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في مجال التربية والتعليم، واتخاذ التدابير اللازمة لمعالجة أوجه التفاوت القائمة على الوضع الاجتماعي – الاقتصادي ونوع الجنس والعرق والموقع الجغرافي، وتحديد مشاريع ناجحة وحلول فعّالة تستند إلى الذكاء الاصطناعي، من أجل التغلب على العقبات التي تحول دون حصول الجماعات المهمّشة والمستضعفة على تعليم جيّد.
يمكن توظيف الذكاء الاصطناعي من أجل تحسين عمليتي التعليم والتعلّم – تحسين نظم إدارة عملية التعليم، نظم إدارة عملية التعلّم القائمة على الذكاء الاصطناعي وغيرها من تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال التعليم، وتحديد أشكال جديدة للتعلّم الفردي للمساعدة في دعم المعلمين والتصدي للتحديات التي تواجه قطاع التعليم.
تعزيز المهارات اللازمة للحياة والعمل في عصر الذكاء الاصطناعي – دعم عملية صياغة الاستراتيجيات والسياسات ذات الصلة على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي، النظر في استعداديّة صُنّاع السياسات وسائر القادة التربويين والأطراف الفاعلة، استعراض دور الذكاء الاصطناعي والأدوات التكنولوجية القائمة عليه في دعم تنمية المهارات والنهوض في الابتكار.
ضمان استخدام البيانات سيما التربوية منها على نحو يتسم بالشفافية والقابلية للمراجعة كالنظر في كيفية الحد من المخاطر التي يمكن أن يتسبب بها الذكاء الاصطناعي في مجال التعليم، وتحديد أدلة ملموسة لصياغة السياسات التي تكفل ضمان الشفافية والمساءلة، واعتماد خوارزميات شفافة وواضحة بالنسبة للأطراف الفاعلة في مجال التعليم.
كذلك التوعية بالفرص التي يقدمها الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيات المرتبطة به وتطويرها، وكذلك بالمخاطر المرتبطة به ومحاولة الحد منها، ولا سيما فيما يتعلق بمتطلبات الشفافية والمسؤولية،وقدرة الذكاء الاصطناعي على تحقيق أهداف التنمية المستدامة.