من يدفع الحساب لأهالي المنشية؟
فهد الخيطان
25-07-2007 03:00 AM
* تجاهل معاناة المصابين انتهاك لانسانيتهم وطلب التعويض من حقهمحسمت الفحوصات المخبرية الجدل حول اسباب ما جرى ويجري في قضاء منشية بني حسن وتأكد بشكل قاطع ان المياه الملوثة بالطفيليات هي المسؤولة عن اصابة مئات المواطنين بحالات الاسهال وارتفاع درجات الحرارة ومعظمهم من الاطفال.
كان واضحا منذ اليوم الاول لظهور الحالات ان المياه هي السبب, ومن يراجع تصريحات وزير الصحة سيجد انها كانت حاسمة وقاطعة بهذا الشأن, لكن الحكومة وللاسف اضاعت الوقت وهي تحاول اقناع وزير المياه بنتائج تلك الفحوصات, فتفاقمت المشكلة وارتفع عدد المصابين. وبدلا من استثمار الوقت الثمين في اتخاذ الاجراءات الكفيلة بالقضاء على "الطفيل" تشتتت جهود الحكومة بين المختبرات وهي تحاول الوصول الى رواية كاملة وموحدة واضطر رئيس الوزراء لمعاينة العينات وفحصها بنفسه في مختبرات الجمعية العلمية الملكية مع ان دولته لم يعمل يوما في حقل العلوم البيولوجية والاحياء الدقيقة!.
اخيرا اقتنع وزير المياه ان مياهه ملوثة, واتخذ مجلس الوزراء سلسلة من الاجراءات الفورية في اطار خطة متكاملة لاحتواء الوضع تضمنت ايضا اجراءات استراتيجية تشمل كافة مناطق المملكة لاصلاح الشبكات المهترئة. وكان بالامكان اتخاذ هذه الاجراءات في اليوم الثاني اوالثالث من الازمة بدل تأجيلها ثمانية ايام.
الان وبعد ان تحددت المشكلة ووسائل معالجتها اظن ان وقت الحساب قد حان.
البعض استكثر علينا المطالبة باستقالة وزير المياه واعتبروا الازمة بسيطة ومحدودة لا تستحق تضحية بهذا الحجم.
من الطبيعي ان يساند كتاب او صحافيون موقف الحكومة ويعتبرون الاجراءات التي اتخذتها كافية. لكن الامر المثير للاعصاب هو تجاهل معاناة مئات الناس, وكأن ما جرى في المنشية هو مجرد اعطال فنية في خطوط المياه, ففي غمرة التطبيل الاعلامي لاجراءات الحكومة, نسينا ان مئات الاطفال والنساء من اهالي منشية بني حسن قد مروا بظروف صحية صعبة, وعانوا الالم والوجع وتعرضت حياتهم للخطر, وما زال الالاف من سكان القضاء كله يعانون من نقص المياه النظيفة.
لو ان المياه انقطعت يوما واحدا عن احد احياء عمان التي نسكنها هل كنا سنشهد المواقف ذاتها.
في غمرة الدفاع عن الحكومة نسي بعضنا ان المئات الذين نتحدث عنهم هم مواطنون اردنيون مثلنا تماما واطفالهم مثل اطفال عبدون والصويفية يشعرون بالالم وتحترق قلوب امهاتهم حين يبكون, فكيف يكتب البعض عن المنشية وازمتها بهذا البرود اللاانساني.
لقد قامت الدنيا ولم تقعد في الاوساط الصحافية والسياسية, عندما نشرت تقارير عن انتهاكات لحقوق العمال الاجانب في المناطق الصناعية المؤهلة, وذرف بعضنا الدموع على معاناتهم ولا اعتراض لنا على ذلك, فهم بشر مثلنا يستحقون معاملة انسانية كريمة.
وجميعنا طالب باغلاق المصانع المخالفة ومعاقبة اصحابها على سوء معاملتهم للعمال, افلا يستحق الذين سببوا المعاناة لاطفال المنشية العقاب ايضا؟!.
ان المطالبة باستقالة الوزير ليست رغبة بالانتقام من شخصه او حكما قانونيا عليه, وانما محاولة لتكريس قيم نحن بأمس الحاجة اليها حتى يشعر المسؤولون دائما بانهم تحت رقابة المجتمع, ووجودهم على كراسي الحكم ليس امتيازا يعفيهم من سلطة الرأي العام, وانما تكليف يخضع للرقابة التي هي حق لدافعي الضرائب ورواتب الوزراء.
قد لا يستقيل الوزير فذلك امر متروك لرئيس الوزراء ولتقدير الوزير نفسه, لكن من حق العائلات المتضررة في منشية بني حسن وام النعام الغربية, ان يقاضوا الحكومة ويطالبوا بالتعويض عما اصابهم جراء المياه الملوثة.