من حكومة إلى حكومة وسط الضباب!!
جميل النمري
08-02-2011 02:03 PM
نتحول من حكومة إلى حكومة وسط مشهد محلي مرتبك.
موجة الانتفاضات العربية الاجتماعية الديمقراطية تخيم على الجو والأسئلة عندنا حول شكل استحقاقاتها علينا يجوس كل الأوساط. وننتقل وسط الضباب من حكومة إلى حكومة بمزيد من الأسئلة الحائرة . .
ونبدأ من ترحيل الحكومة السابقة! وأوزان كل واحد من الاعتبارات التي أوصلت إلى القرار! تنفيس الاحتقان العام ! استباق تعبيراته الأوسع! نصائح النخب والفعاليات! إن عملية الثقة بالحكومات و تشكيلها ورحيلها يصبح بذاته مثالا عيانيا على الحاجة للإصلاح. فكم تم التوقف مثلا أمام الاعتبار المتعلق بإزاحة حكومة حصلت للتو على ثقة قياسية من مجلس النواب؟!
في الحقيقة أن سحب الثقة من الحكومة كان قد أصبح يدور في أروقة المجلس، وفي الجلسة التشاورية غير الرسمية يوم الخميس الفائت طرح أكثر من نائب هذا الاقتراح. وليس واضحا ماذا كان الرأي إزاء هذا السيناريو في الأوساط العليا للقرار؟! فالدعم الاستثنائي الذي قدمه جلالة الملك للنواب في لقاءه مع رؤوساء اللجان والمكتب الدائم كان يزكي أخذ هذا البديل بالاعتبار.
التصويت على الثقة أصبح بذاته إشكالية يجب التوقف عندها، وهي إشكالية تطرح نفسها بوضوح على أجندة مشروع التغيير والإصلاح. إن تقدم الحكومات للحصول على الثقة في ضوء ما حدث هو محطّة لا يعود لها حاجة من الأساس، وأفضل لكرامة المجلس الاكتفاء بدور التشريع والرقابة والمساءلة للحكومات وكلها واحدة في الجوهر ما دامت لا تقوم على تناوب السلطة التنفيذية بين أقلية وأغلبية سياسية وبرامجية في مجلس النواب. طبعا التخلص من هذه المسؤولية المنصوص عليها في الدستور ( محطّة طرح الثقة في الحكومات) يتطلب تعديلا دستوريا! وأنا أقول لما لا! أو فلنذهب إلى العكس . . أي الحكومات البرلمانية المنتخبة كما هو في الديمقراطيات البرلمانية في العالم!
الحكومة الجديدة ستذهب قريبا إلى مجلس النواب ولا أتصور تكرار مشهد مارثون الخطابات والتصويت على الثقة بعد شهر ونصف على المشهد السابق! اننا بتكرار المشهد نهزّء مجلس النواب فقط. وقد كنّا دخلنا بكل جدّ في حوار لساعات مع أركان الحكومة الفائتة حول مشروع الإصلاح السياسي واقتنعنا بإعطاء الثقة على أساسه ولم تتوفر الفرصة ولا الوقت لامتحان التزام الحكومة وسلامة موقفنا، والآن لو أن الحكومة القادمة للبخيت جادّة أكثر وأكثر بالإصلاح السياسي فما قيمة ذلك لإعطاء ثقة لا تضمن من الحكومة أو للحكومة ذاتها شيئا؟!
في هذا المشهد الضبابي المربك والمرتبك أرى أن شيئا واحدا ينقذ المصداقية وهو الإعلان الصريح عن اقتران الإصلاح السياسي بإصلاح دستوري . . هذا هو اجتهادي ولكل مجتهد نصيب.