محمد العشا يحتاج إلى محامي دفاع بريطاني متمكن
باتر محمد وردم
25-07-2007 03:00 AM
إذا كانت لدى د. محمد العشا فرصة للحصول على البراءة من التهمة الموجهة اليه في بريطانيا في حال كان بالفعل بريئا منها كما نتمنى جميعا فإن هذا سيتم في حال وجود محامي دفاع بريطاني متمكن ومحيط بكل تفاصيل التشريع البريطاني وغير مسيس ويهتم بالبعد المهني لا الاستعراضات السياسية والكلامية.
هذه القناعة تبدو واضحة تماما عند الاطلاع على البيان الذي اصدرته نقابة المحامين الأردنيين قبل ثلاثة ايام حول استمرار اعتقال الدكتور العشا والذي طغى فيه البعد السياسي والايديولوجي تماما على البعد المهني. وآخر ما يحتاج إليه د. العشا الآن هي بيانات من هذا النوع ، ولو كان العشا سيحصل على دفاع من نقابة المحامين الأردنيين بهذا المنطق فان المسكين لا يملك فرصة للبراءة.
تبدي نقابة المحامين استغرابها من إحالة د. العشا إلى القضاء "دون مسوغات قانونية" بالرغم من أن القضاء البريطاني وجه تهمة له بعد تحقيق استمر أكثر من اسبوعين وهذا ما ينفي مهنيا وجود نية مسبقة لتوريطه أو إلصاق التهمة به لأن الاتهام لم يتم فور الاعتقال على الطريقة الأميركية والعربية. في المقابل تثير النقابة وبصدق قيام الحكومة البريطانية باعتقال زوجة الدكتور العشا لمدة 10 أيام قبل إطلاق سراحها وهذا ما أدى إلى تفريقها عن طفلهما ويمكن للسيدة زوجة الدكتور العشا أن تطالب الحكومة بتعويض مادي تجاه هذا الاعتقال التعسفي وسوف تكسب القضية لو فعلت ذلك.
ولكن نقابة المحامين في بيانها تطالب بإطلاق سراح فوري لكافة المشتبه بهم والمتهمين لأنهم يجب أن يكونوا أبرياء ، وهذا غريب إذ كيف يمكن لأية دولة أن تطلق سراح شخصين كانا يقودان سيارة متفجرة أمام آلاف الشهود وساهمت الأخطاء الفنية والعناية الإلهية في عدم تفجيرها لتقضي على الأبرياء؟ وهل يقبل السيد نقيب المحامين مثلا إطلاق سراح هذين الشخصين لو كان هذا الحادث قد وقع في الأردن لا سمح الله خاصة وأنه نفسه يطالب بإغلاق المؤسسات غير الحكومية لأنها تجتمع مع السفارات الأجنبية حفاظا على سيادة الأردن؟
أما تعليق نقابة المحامين في بيانها "ان ممارسات الحكومة البريطانية تنم عن تمييز عنصري وغطرسة غير مقبولة بحق أبناء أمتنا العربية والاسلامية" فهذا إبداء رأي سياسي واضح وليس له مكان في المنطق التشريعي والقضائي المهني ولا يمكن أن يقدم اية فائدة للدكتور العشا وقضيته ولكنه بالطبع سيعجب الرأي العام الوطني في الأردن.
نقولها بكل صراحة ووضوح أن براءة د. العشا هي طموح وطني عام وليست مرتبطة بشخص الدكتور وعائلته فقط. في حال ارتكب شخص ما خطأ في تصرفاته وسلوكه فإنه يدفع ثمن هذا الخطأ وأحيانا بتدمير مستقبله ، ولكن في حال كان د. العشا مذنبا لا سمح الله فإن الخطأ الذي ارتكبه سوف يؤثر على مستقبل آلاف الأردنيين والعرب والمسلمين من الموهوبين والمتميزين أكاديميا الذين يبحثون عن فرص للإبداع في بريطانيا وأوروبا.
وقد وجدنا في الشهر الماضي مقالات في الصحف البريطانية لا يمكن وصفها بالتحريضية ولكنها تدعو الحكومة البريطانية إلى مزيد من الصرامة في منح تأشيرات السفر والدراسة والعمل للأردنيين والعرب حتى لو كانوا من المتميزين أكاديميا لأن هؤلاء قد يتحولون إلى متطرفين على الأراضي البريطانية نفسها وهذا يعني تهديد مستقبل عشرات الآلاف من الشباب الطموح.
نتمنى جميعا ظهور براءة د. محمد العشا ولكن هذا يتطلب منظومة دفاع قانونية محكمة من محام بريطاني متمكن وإبعاد أي عنصر سياسي أو ايديولوجي عن هذه المحاكمة لأن إدخال العنصر السياسي وفق منطق نقابة المحامين من شأنه أن يقضي على كل فرص البراءة للدكتور العشا ويجعله ضحية جديدة للاستعراضات السياسية والخطابات الرنانة التي يبدو أنها أصبحت هدفا بحد ذاته.
batir@nets.jo