بالرغم مما في الأزمات والمحن من آلام، فان لها فوائد، أهمها انها تكشف المعادن طيبها من خبيثها، كريمها من وضيعها، نفيسها من رخيصها، كما أنها تكشف الصديق الصدوق الذي يكون إلى جانب صديقه وقت الضيق، من ذلك الذي يتنكر لصديقه لحظة الشدة.
وما ينطبق على الأفراد ينسحب على المؤسسات والشركات، بل لعل دور هؤلاء أعظم في المحن والأزمات، واذا كان المصطلح الحديث الذي يطلق على دور الشركات والمؤسسات في خدمة مجتمعاتها، هو مصطلح المسؤولية الاجتماعية، فان الإسلام ارتقى بهذا الدور إلى ماهو اسمى من ذلك بكثير، إذ اعتبره جهادا في سبيل الله، بل اعتبره من أعلى درجات الجهاد، وفي هذا المجال يبرز سيدنا ابو بكر الصديق اول الخلفاء الراشدين، وسيدنا عثمان بن عفان ثالث الراشدين، وعبد الرحمن بن عوف احد العشرة المبشرين بالجنة، فقد اشتهر هؤلاء بجهادهم في أموالهم سواء خلال تجهيز الجيوش، أو من خلال خدمة المجتمع بالتبرع بقيمة شراء مرافق يحتاج إليها المجتمع، أو من خلال إغاثة الملهوف، ومساعدة المحتاج.
كل هذه المعاني وغيرها كثير تبادرت إلى ذهني وانا اقرأ في الصحف عن تبرع شركة أدوية الحكمة بما قيمته مليون دولار لمساعدة اخوتنا في ليبيا لمواجهة الكارثة التي حلت بالمنطقة الشرقية من ليبيا وجعلت من مدينة دون مدينة منكوبة تمتلئ شوارعها بالجثث، وتغص طرقاتها بالجرحى الذين يحتاجون العلاج، وهي الحاجة التي هبت أدوية الحكمة لتلبيتها، اطلاقا من احساس قومي يرتكز إلى حس وطني عالي بالمسؤولية يحكم القائمين على دار الحكمة، يحركهم بالاتجاه الصحيح كلما الم بشعب من شعوب أمتنا مصاب.
ان ما فعلته أدوية الحكمة مع أهلنا في ليبيا الجريحة، ما سبق ان فعلته مع غيرها فوق انه ينم عن احساس إنساني وقومي عالي، وفوق انه يؤكد بأنه ما زال لدينا راس مال لا يسعى للربح فقط، لكنه يسعى أيضا إلى خدمة مجتمعه وامته، وهو فوق ذلك يسعى ترسيخ صورة مشرقة لوطننا الأردن، ذلك أن دار الحكمة، ووفاء منها لبلدها الأردن، قدمت تبرعها لليبيا من خلال التنسيق مع الهيئة الخيرية الهاشمية، ووزارة الخارجية وشؤون المغتربين والقوات المسلحة الأردنية، اي انها كانت تواصل المساهمة في رسم صورة مشرقة لبلدنا، الذي يعتز ان فيه دارا للحكمة، وليس مجرد شركة.
الرأي