استعداد الدولة ويقظة الشارع .. لحظة مثالية للحوار
فهد الخيطان
05-02-2011 03:21 AM
ثلاثة اسباب لتراجع حركة الاحتجاج في مسيرات الجمعة .
شهدت عمان ومحافظات عدة امس مسيرات شعبية تطالب بالاصلاح والتغيير, لكن يلاحظ تراجع اعداد المشاركين مقارنة مع "الجُمَعْ" السابقة, ويعود ذلك الى ثلاثة عوامل رئيسية:- رحيل حكومة الرفاعي الذي كان مطلباً لجموع المتظاهرين خلال الاسابيع الماضية, تشكيل حكومة جديدة عمل رئيسها منذ اليوم الاول على فتح حوار مع جميع القوى السياسية والحزبية. كما تعهد في وقت مبكر بالاستجابة الى معظم مطالب القوى السياسية وفي المقدمة منها تعديل قانون الانتخاب التشريعات المتعلقة بالحريات السياسية والاعلامية. كافة وفي مدة زمنية لا تتجاوز السنة الواحدة. اما العامل الثالث الذي ساهم في تهدئة الجبهة الداخلية فهو لقاء الملك عبدالله الثاني مع قيادة الحركة الاسلامية الذي شكل "بداية لمرحلة جديدة" على حد وصف الدكتور ارحيل الغرايبة القيادي في الحركة الاسلامية.
لم يكن بوسع الحركة الاسلامية ان تتراجع عن مسيرة الجمعة التي كانت مقررة قبل اللقاء مع الملك تحسباً من فقدان مصداقيتها عند قواعدها ولهذا استمرت في تنظيم النشاط, لكن بزخم اقل ومشاركة رمزية احيانا, فيما قوى الاحتجاج المطلبي الاخرى واصلت النزول للشارع وفي الوقت نفسه لم تقفل باب الحوار مع الحكومة. واعتقد ان على رئيس الوزراء المكلف معروف البخيت ان يشمل في لقاءاته التشاورية القوى الاساسية المكونة لحملة "جايين" من معلمين وعمال وتيارات سياسية وفكرية وناشطين على غرار لقائه المتقاعدين العسكريين.
لا شك ان رحيل حكومة الرفاعي ساهم في تخفيف حدة الاحتقان وخلق مناخاً ملائماً لادارة حوار منتج وفعال, فالدولة بكل مكوناتها لم تكن مستعدة للاستجابة الى مطالب الاصلاح كما هي اليوم. واللحظة مناسبة لكل القوى والاحزاب التي تنزل للشارع كل جمعة الى الانتقال الى طاولة الحوار والشروع في حوار جدي لاستثمار فرصة تاريخية لانجاز حزمة كبيرة من الاصلاحات دفعة واحدة. وستبين الممارسة الفعلية ان كانت النوايا حسنة عند الحكومة اما انها مجرد مناورة للالتفاف على شعارات الاصلاح وخطوة تكتيكية لعبور الحالة الشعبية الضاغطة التي افرزتها الثورة التونسية والانتفاضة المصرية.
لقد وجد الاردن نفسه تحت المجهر الدولي بعد التطورات التاريخية في تونس ومصر فوسائل الاعلام الغربي والاسرائيلي تبدي تركيزا غير مسبوق على الاحتجاجات الجارية في البلاد ويذهب بعضها الى وضع الاردن على القائمة بعد مصر. والاعلام الاسرائيلي على وجه التحديد يحاول ان يجعل من هذه الاحتجاجات مدخلا لتمرير مشروع سياسي توطيني وبالأمس كان احد ابرز الكتاب في صحيفة هآرتس يحرض على حرب اهلية في الاردن بدعوى الاصلاح.
كما تتابع الولايات المتحدة عن كثب التغييرات في الاردن وقد اشار المتحدث باسم الخارجية الامريكية الى المكالمة الهاتفية التي جرت يوم الجمعة بين الملك وهيلاري كلينتون تركزت على موضوع الاصلاحات في الاردن بعد تكليف البخيت بتشكيل حكومة جديدة.
تصريحات المتحدث الامريكي عكست اهتماماً بمستقبل عملية الاصلاح في الاردن وانطوت على دعوة صريحة باتخاذ التدابير اللازمة لتجنب مواجهة مع الشعب على غرار ما يحصل في مصر.
بعد سقوط بن علي وانهيار نظام مبارك حدث تحول ملموس في طريقة تفكير الدولة الاردنية, وبدا ان هناك توجها جديا لتسريع عملية الاصلاح ومراجعة اسلوب ادارة البلاد وهذه برأيي فرصة لا ينبغي اضاعتها سواء من الدولة او قوى المجتمع.
fahed.khitan@alarabalyawm.net
(العرب اليوم)