لا احد يعرف كم ستحصل حكومة البخيت ، على اصوات ، خلال مناقشات الثقة في مجلس النواب ، الذي يجد نفسه محرجاً امام حكومتين ، في بحر اربعين يوماً.
النواب منحوا حكومة سمير الرفاعي مائة وأحد عشر صوتاً ، من اصل مائة وعشرين نائباً ، فيما غاب صوت النائب راشد البرايسة لرحيله ، وبعد اربعين يوماً فقط ، يجد ذات النواب انفسهم امام حكومة جديدة.
الارتداد الاكبرعلى الثقة المرتفعة التي حازتها حكومة الرفاعي ، سيظهر خلال التصويت على حكومة البخيت ، لان النواب تعرضوا الى لوم هائل شعبياً وسياسياً على الرقم المرتفع الذي صوتوا به للحكومة التي غادرت.
الرغبة المسيطرة على النواب هي "التبرؤ" من كلفة التصويت المرتفع على الحكومة المستقيلة ، وهذا يعني ان حكومة البخيت ستدفع ثمناً لاعلاقة لها به فعلياً ، ثمن استعادة شعبية النواب.
اذا كان التصويت يجري على اساس البرنامج فإن هناك تشابهاً في التكليفات المكتوبة ، من حيث الاصلاح السياسي ، ووضع حد لسياسات الاسترضاء ، ومراعاة الاوضاع الاقتصادية للناس ، ومعالجة الاختلالات الاقتصادية ، وغير ذلك.
المشكلة التي سيواجهها البخيت تتعلق بنقطتين ، الاولى المآخذ على حكومته السابقة ، والثانية تتعلق برغبة النواب برفع شعبيتهم ، على حساب حكومته ، مقارنة بالحكومة الماضية ، وهذا يعني ان حكومة البخيت ستحصل على عدد اقل من الاصوات.
هناك من يسعى الى استفزاز مجلس النواب ضد الحكومة الجديدة بالقول انها ستحل مجلس النواب ، نسبة الى تصريحات قالها البخيت ، ثم اوضح انه لم يقلها ، في مسار الحديث عن قانون الانتخابات الجديد.
شق الاستفزاز الثاني يتعلق بصدى الثقة المرتفعة التي تم منحها قبل اربعين يوماً لحكومة سابقة ، وارتدادات الثقة على الحكومة الجديدة التي لم تتضح تفاصيلها بعد.
بطبيعة الحال ستنال الحكومة الثقة في نهاية المطاف ، والافضل ان لايتدخل البخيت او يضغط من اجل ثقة مرتفعة ، لان الثقة المرتفعة تمسه وتمس حكومته ، وتمس مجلس النواب ايضاً ، الذي مازالت قوى كثيرة تطالب بحله.
من المفترض ان لايتم التدخل او الضغط على النواب ، وان يمارس هؤلاء دورهم بشكل كامل ، فتحصل الحكومة الجديدة على الثقة ، كما تستحقها فعلياً ، دون تأثير للجانب الشخصي ، او اي جانب آخر.
الاسئلة تتراكم:ماهي وصفة الحكومة الجديدة الاقتصادية ، وكيف ستتم معالجة وضع الموازنة ، وماهي حزمة الاصلاحات السياسية ، وماهوالموقف من الاعلام.وما دلالات اسماء الوزراء الذين سنسمع بهم بعد قليل؟.
فوق ذلك يأتي ملف الاسلاميين ، خارج مجلس النواب ، ورغبتهم باستعادة جمعية المركز الاسلامي الخيرية ، وهي مفتاح السر في موقف الاسلاميين ، التي احيلت للقضاء في عهد حكومة البخيت الاولى ، وربما رغبتهم بالمشاركة في انتخابات بلدية نظيفة.
ستثبت الايام مايمكن للحكومة الجديدة تغييره ، وماهو "ثابت" في السياسات المحلية ، وستثبت الايام ايضاً ، الفروقات بين مرحلتين ، ان كانت جوهرية حقاً ، مرحلة انتقاص الولاية العامة للحكومة ، ومرحلة امتلاكها لولاية عامة كاملة.
ماهو منتظر من الحكومة الجديدة هو تغييرات جذرية ، والايام وحدها ستفصل بين القدرة على التغييرات الجذرية الممكنة ، وبين التغييرات ذات الدلالات الجذرية لكنها ليست جذرية فعلياً.
للبخيت خصومات ، كما غيره من السياسيين ، غير ان بإمكانه ازهاق روح هذه الخصومات بأداء مختلف ، وهذه مراهنة على الايام ، وهي مراهنة لن يصبر الاردنيون كثيراً على نتائجها ، اذ يريدون تحولات سريعة وحقيقية في حياتهم.
التوقيت حساس للغاية ، والتفاؤل يبقى حذراً ومشروطاً ، دون عرقلة مسبقة للحكومة الجديدة ، لان العرقلة المسبقة ستبدو بمثابة اجندة ، لايليق بأحد ان تلتصق ظلالها به.
mtair@addustour.com.jo
(الدستور)