انقاذ صناديق تقاعد النقابات المهنية .. بإلغائها
م. وائل سامي السماعين
16-09-2023 07:28 PM
وصول صناديق التقاعد في معظم النقابات المهنية الى الانهيار، هي النتيجة الحتمية في ظل غياب الرقابة والمحاسبة، والأصول المعرفية العلمية لإدارة مثل هكذا صناديق، وانحراف بوصلة هذه النقابات عن عملها الأساس والاهداف التي من اجلها أنشئت، وهو خدمة الصالح العام بتأهيل أعضائها علميا، والتأكد انهم يعملون ضمن شروط مهنية رفيعة المستوى لخدمة المجتمع.
لكن كان تركيز معظم النقابات المهنية في بداية عهدها وحتى وقت قصير، على توفير الخدمات الرعوية لأعضائها، مثل القرض الحسن للتشجيع على الزواج والتكاثر، وشراء الأراضي والاسكانات، وتوفير الاحتياجات المنزلية مثل الثلاجات والغسالات والتلفونات...الخ، أضف الى ذلك كان جل اهتمامها ينصب في مناكفة الحكومات الأردنية وسياستها، فكانت الأحزاب وبلا خجل، تتصارع في السيطرة على تلك النقابات، حيث كانت هناك قوائم معلنة ومحسوبة على الأحزاب، فهناك قوائم خضراء وبيضاء...الخ.
فمبدأ تضارب المصالح ضرب بعرض الحائط.
صناديق التقاعد في تلك النقابات، أنشئت بموجب القانون، وكان من مسؤولية الحكومة الأردنية ان تتأكد من ان الإجراءات والأنظمة المعمول بها لإدارة هذه الصناديق، تسير حسب الأصول المرعية، ولكن النقابات رفضت التدخل الحكومي، وهذا ما حدث، عندما رفضت الهيئة العامة لنقابة المهندسين اشراف ديوان المحاسبة على أموال صندوق التقاعد قبل عدة سنوات، ولكن الحكومات الأردنية المتعاقبة، كانت تغض النظر، من اجل احتواء تلك النقابات وتخفيف شدة المعارضة السياسية لها.
نقابة الأطباء هي الأخرى قاومت الحكومات الأردنية لسنيين عديدة في تشريع قانون المساءلة الطبية، وعندما وافقت، اشترطت الا يكون هناك تأمين الزامي للأطباء، كما هو معمول به في دول العالم المتحضرة، وذلك لتعويض المصابين من الأخطاء الطبية.
كحل لإنقاذ صناديق التقاعد، النقابات المهنية تطالب الحكومة الأردنية بالتدخل لإجبار آلاف الأطباء والمهندسين والممرضين وغيرهم بالاشتراك او الاستمرار بدفع رسوم صناديق التقاعد، وفي حال رفضهم والانصياع الى الأوامر، يتم سحب رخص ممارسة المهنة منهم، اضف الى ذلك البعض يطرح مفهوم منع أي منهم من ممارسة المهنة، اذا لم يكن لديه اشتراك في صندوق التقاعد في نقابته، وبعض النقابات، وكوسيلة لإعادة الثقة، تقول انها كلفت مكاتب متخصصة بعمل الدراسات الاكتوارية، وان أموال الصندوق سيتم ادارته حسب الأصول، ولكن المشكلة تركت تتفاقم الى الحد الذي لن تنفع معه أي دراسات اكتوارية، لان هذه الدراسات تكون في الأساس لتجنب المخاطر، ولكن طالما ان الانهيار قد وقع فالحول يجب ان تكون عملية، وتجنب المزيد من المخاطر.
بكل اسف، أقول قد فات الأوان، فالثقة ما بين أعضاء النقابات المهنية والنقابات قد تلاشت تماما، ونتيجة لذلك اوقف الالاف من الأعضاء اشتراكاتهم في الصناديق التقاعدية، وهذا سيزيد الطين بلة، ولذلك، أرى ان الحل المناسب هو:
1- الغاء تلك الصناديق، لان صناديق التقاعد ليست شرطا أساسيا لتكون عضوا في أي نقابة مهنية على مستوى العالم.
2- تحديد مكتب محاسبة قانوني لتصفية تلك الصناديق، وتوزيع الأموال حسب الأصول اخذين بعين الاعتبار ان بعضا من تلك الصناديق تمتلك أراضي وعقارات تقدر بعشرات الملايين.
3- تعديل قانون النقابات المهنية من اجل التركيز فقط على المهنة، ورفع المستوى المهني للأعضاء، لخدمة الصالح العام
4- توفير الخدمات التأمينية والرعوية من صحة وتأمين على الحياة...الخ، من خلال شركات متخصصة فقط، وبشكل اختياري للعضو.
5- منع ممارسة أي عضو من ممارسة المهنة، إذا لم يكن مسددا رسوم اشتراكه في النقابة، وهذا معمول به في كل دول العالم.
6- تعديل قانون المساءلة الطبية ليشمل تأمين الزامي على الأطباء ضد الأخطاء الطبية.
waelsamain@gmail.com