التنظيم الإداري والأوصاف الوظيفية للوزارات في ظل التحديث الإداري
د.عبدالله القضاة
16-09-2023 05:21 PM
ظاهرة حديثة بدأنا نشهدها أخيراً في التنظيمات الإدارية لبعض الوزارات وهي: وجود أكثر من أمين واحد للوزارة، مبررات مثل هذا التوجه؛ قد تكون مقبولة من حيث المبدا ولكن مرفوضة من حيث الشكل والإخراج . وجود توسع وتعقيد في عمل بعض الوزارات وكذلك الخصوصية الفنية يستدعي وجود أكثر من وظيفة قيادية ضمن المجموعة الثانية من الفئة العليا كما في وزارة الصحة والعدل وغيرها، لكن هذا في الأصل أن لا يتم على حساب الإخلال بمبدأ تنظيمي عريق وهو " وحدة الأمر" حيث يقتضي العمل في هذا المبدأ أن يكون للوزارة أمينا عاما" وكيلا" واحدا يرأس الجهاز الإداري فيها ويمنح المزيد من الصلاحيات التي تمكنه من إدارة الوزارة بشكل فاعل على إعتبار أن الوزير موقعا سياسيا.
لدينا في الأردن تجربة مثالية؛ حيث أن وزارة الداخلية فيها أكثر من خمسة عشر محافظا ضمن الفئة العليا المجموعة الثانية؛ وهناك أمينا عاما واحدا للوزارة ضمن نفس المستوى الإداري، وربما يتميز المحافظ بإنه إضافة الى مستواه الإداري المماثل للأمين العام فهو يمثل جلالة الملك في محافظته؛ ومع ذلك فهو يلتزم بوحدة الأمر بإحترامه لدور الأمين العام الوحيد للوزارة.
الفكرة الاساسية التي ارغب بإيصالها لمجلس الوزراء بصفته الجهة صاحبة الصلاحية في الموافقة على أنظمة التنظيم الإداري للوزارات؛ هو العدول عن تسمية أكثر من أمين عام / وكيل لأي وزارة ، فوزارة الصحة مثلا يكتفى بتسمية أمينا عاما واحدا لها؛ والآخرين ممن تم تسميتهم أمناء عامين يمكن تسميتهم مدراء عامين وبنفس المستوى الوظيفي " المجموعة الثانية من الفئة العليا" مثل مدير عام الأوبئة ؛ مدير عام الرعاية الصحية ، ومدير عام مستشفى وهكذا.
أما الأوصاف الوظيفية التي يتطلب تحديثها في التغيير القادم؛ وخاصة مع توقف العمل في قانون التقاعد المدني للتعينات الجديدة بكافة مستوياتها الوظيفية من جهة، والتوجه لتطبيق نظام العمل المرن من جهة اخر؛ الأمر الذي يستدعي الغاء الدرجات الوظيفية وربط الراتب بالوظيفة نفسها، مع الإبقاء على نظام الفئات الوظيفية مع تعديل الفئة الاولى لتصبح بثلاثة مستويات هي : الوظائف التخصصية، والوظائف الإشرافية، والوظائف القيادية، على أن يكون الإنتقال من مستوى الى آخر بالتنافس مع توافر متطلبات إشغال الوظيفة من الحد الأدنى للخبرة والمستوى المهاري واجتياز متطلبات التأهيل والتدريب التي ينفذها معهد الإدارة العامة بإعتمادية الهيئة المقترحة للموارد البشرية / أو الخدمة المدنية والتطوير.
ويشمل تحديث بطاقات وصف ومواصفات الوظائف تحديدا دقيقا لمهام الوظيفة ومتطلبات إشغالها وخاصة الشهادات المهنية والجدارات المتخصصة القابلة للقياس إضافة الى تحديد مؤشرات أداء يمكن قياسها وتخدم عملية إدارة وتقييم الأداء الفردي، و تحديد " التسعير" الأجر الملائم لكل وظيفة على ضوء تقييمها كوظيفة اساسية أو مساندة في كل جهة حكومية على إنفراد لمراعاة تمايز الوظائف وأهميتها في دوائر ومؤسسات القطاع العام.
ومن المناسب جدا إعتماد بطاقات وصف مرنة تسمح بنقل الموظف الإشرافي والقيادي لوظيفة موازية في حال إخفاقه في العمل الإشرافي أو القيادي للوحدة التنظيمية التي عمل بها؛ أو لمرور فترة زمنية تتجاوز ثماني سنوات في نفس المستوى الإشرافي والقيادي، وبهذه الحالة يتم نقله لهيكل "ظل" ضمن نفس راتبه ومستواه الإداري، فينقل مثلا أخصائي رئيسي إن كان رئيس قسم سابقا أو خبير في حال كان مدير مديرية او إدارة سابقا، أو مستشارا إن كان مديرا أو أمينا عاما سابقا ولدى الحكومة رغبة في الإستفادة من خبراته الفنية، وبهذه الحالة ينتهي مفهوم الحق المكتسب في الرتبة الإشرافية، والقيادية، والعليا الذي طالما عانت منه الدوائر والمؤسسات في خططها التحديثية.
* أمين عام وزارة تطوير القطاع العام/ مدير عام معهد الادارة العامة سابقا