توقفت اليوم وأنا أقرأ رد الطبيب الإنسان د. متروك حنيان العون على معالي د. صبري الربيحات في منشور على صفحته، يقول د. متروك: عرفت أمريكا وأوروبا وآسيا والصين، وبقيت صبحا بغبارها وفقرها الصوت الملهم.. يااه ما أجمل العبارة وما أجمل حب البلاد رغم ضيق ذات اليد، وبقيت القرى المنسية كبيرة في عيون أبنائها.
أتابع الباشا الطبيب وكيف يذهب كل نهاية إسبوع لزيارة المرضى والفقراء في القرى والمزارع ويعود أطفال السوريين من جيرانهم وممن يعملون في المزارع لتفقدهم ومعالجتهم في بيوتهم وخيمهم، وهي قمة الإنسانية في وجهها البسيط دونما بحث عن أضواء وإنما وفاء لرسالته في مهنته وإنحيازا لشهامة ومروءة البدو التي لم تغيّرها الرتب والألقاب، وبقيت بيوت الشعر المنصوبة في بهو الفلل هو المكان الأقرب لهم.
كان بوصلة لكل موجوع، وتسمع أهله كل من صابه عارض أو مرض تنادوا وقالوا: "ودّوه على متروك"، ثقة بيده الحانية، وإن كان الشفاء من الله، لكنه أودع سره لبعض عباده.
متروك العون الذي خرج من صبحا إلى اسبانيا ليكمل دراسته، وشقيقه محمد حنيان الذي سبقه بأعوام ينادي بصوته في ذات يوم من أيام الأردنيين: "لعيون بسمة والبنات دم النشامى خضابها" وهو يقصف دبابات العدو في معركة الكرامة ويدمرها، ووقف مرة أمام الملك الحسين وقال: يا سيدي أنا وعدت "السرديات" إنهن يشربن من ماء الحنفيات والتي تمر من قريتنا نحو إربد.. ويأمر الملك لحكومة مضر بدران بورقة بخط يده أن تصل المياه لقرية صبحا حتى يبرّ بوعد محمد حنيان أمام أهله.
شكّل متروك العون وفلاح الحرفوشي وكساب السرحان وخلف الجادر نماذج من "عيال البدو" الذين إستثمر بهم الجيش العربي لخدمة أبناء البوادي وتميزوا وعادوا بعد التقاعد ليعالجوا الناس ولم يكبروا على أهلهم وظلوا الأوفياء لهم.
علمت أن الباشا العون سيذهب بعد أيام في رحلة علاج، رأيته يكتب بكل شجاعة أهله الفرسان: "الحياة رسالة ومن لا ينفعك حي لا ينفعك ميت".
شافاك الله وعافاك ورددك لأهلك سالما غانما.