تعتبر الحياة الديمقراطية البرلمانية الأردنية واحدة من أعرق النماذج في المنطقة حيث تشكل نموذجا آمنا ومستقرا كما أنها تعد جزءا عضويا من دستور الدولة وهي جاءت مع تأسيس الامارة وشاركت بالتأسيس واخذت أبعادا اخرى بعد الترسيم العالمي.

الجغرافيا السياسية الاردنية وظروفها المحيطة بكل اسقاطاتها على النموذج الاجتماعي الاردني الذي لم ينشأ مع بداية التكوين على اساس مكاني، بل جاءت نشأته من منطلق فكري يقوم على العقيدة العربية ورسالتها ..

وهو ما جعل المؤسسة البرلمانية تكون من أعرق مؤسسات الدولة والحياة الحزبية تتشكل منذ ولادتها وتستمر التعددية السياسية دون انقطاع على الرغم من تعرض المسيرة الأردنية لتداخلات ظرفية عميقة جاءت مع الحرب العالمية الثانية وافرازاتها وما تلاها من اهتزازات وحروب اقليمية وما تخللها من رياح عاتية كانت دائما تهدد المستقر الوطني الآمن وتشكل دوامات طاردة ديموغرافيا، الا ان الاردن تمكن عبر إرادته من إبقاء المؤسسة البرلمانية عاملة والحياة السياسية نشطة وحالة التعددية قائمة وهي ما تعتبر قصة نجاح حقيقية للدولة الأردنية .

والاردن الذي يعد من النماذج المستقرة والآمنة في المنطقة ويعول عليه إيجاد نموذجا ديمقراطيا تعدديا يسمح له بتمكين الروافع الحزبية وجعلها قادرة لتشكل مصنع قيادات يجسد للديمقراطية نهجها ليحقق لها الاهداف الاربعة التي تمثلها عوامل (الثقة والمنعة والحوكمة والمواطنة) وهي الأهداف التي تستهدفها كل المجتمعات لتحقيق العلامة الفارقة المجتمعية، والتي حرص الأردن على تقديم نموذجها ...

وهذا ما يتطلع الأردن لتحقيقه عبر نموذجه بالاصلاح السياسي الذي قد تتباين الآراء حول كيفية توظيفه، لكن لا يختلف احد على اهمية منهجيته وما تم القيام به من دور ورسالة وما تضمنته مخرجات اللجنة الملكية من مخرجات يمكن البناء عليها اكثر مما تم وجعلها تشكل منطلق افضل للاصلاح السياسي لما يشكله ذلك من اهمية في بناء عامل الثقة الذي يعد العنصر الأساس في تكوين البناء الذاتي .

لان ثقة المواطن في المؤسسات الدستورية ستعمل على تعزيز سيادة القانون وسيؤدي إلى تحقيق العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص وهذا ما ستحققه منظومة العمل الكتلوي الحزبي في بيت القرار البرلماني كونها تعزز من مناخات الشفافية والمصداقية وسيؤدي لتمكين الحياة الديمقراطية ومؤسساتها وإلى تعظيم حالة المناعة المجتمعية وهو العامل الذي تعمل على بناءه الدولة الاردنية وتسعى لتحقيقه.

وهذا ما جعل المجتمع الأردني يعيش حياة آمنة عنوانها المشاركة والتشاركية وكما سيسهم ذلك بتشكيل حكومات برلمانية حزبية قادرة على تحقيق منظومة الحوكمة بعواملها العشرة في الحكم الرشيد، وكما ان ذلك سيعمل على تبديل روافع المجتمع من هويات تقليدية مجتمعية إلى هويات سياسية حزبية قادرة على تحقيق مفهوم المواطنة وتعظيم محتواها .

وهي العوامل الأربعة التي عمل على تحقيقها جلالة الملك من خلال إصلاح منظومة العمل السياسي كما هي الاستهدافات الأربعة التي يعمل الأردن على تجسيد محتواها عبر النموذج الديمقراطي التعددي الذي يعتبر بكل المقاييس قصة نجاح حقيقية اذا ما اخذنا بعين الاعتبار الظروف الجيوسياسية في الاقليم التي ما فتئت تلازم أجواء المنطقة المملكة أعاصير سياسية واهتزازات امنية .

من هنا تأتي اهمية دخول الأردن للنادي الديمقراطي العالمي لما يشكله هذا النادي من رافعة داعمة للنموذج الديمقراطي الاردني ستساعده على تنفيذ مشروعه الريادي بالديمقراطية والتعددية والحاكمية الرشيدة، فان الاردن يمتلك مشروعا رياديا، لذا كان أولى بالرعاية والإسناد من مدخل منظومة الحوافز التي تعمل الادارة الامريكية عليها من اجل وصول بهذا النهج لكل المجتمعات واعتباره نموذجا أساس في التقييم، وهو النموذج الذي يقوم على المواطنة كما يقوم الحزب الديمقراطي عليها، لذا كان دخول الأردن للنادي الديمقراطي امر مهم في دعم منهجية العمل في الديمقراطية الأردنية .