من الواضح تماما ان جلالة الملك يستشرق المستقبل، ويملك القدرة على قراءة احتياجات الوطن والمواطن ويدرك تداعيات الحراك المجتمعي بمكوناته السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. وما يتفاعل في منطقتنا.. فخلص إلى رؤية صحيحة يحقق تطلعات الوطن والمواطن فجاء كتاب التكليف السامي الى الرئيس المكلف الدكتور معروف البخيت ينطق بخلاصة وروح هذه الرؤية.. حيث جعل من الإصلاح السياسي الحقيقي - على رأس برنامج الحكومة الجديدة ليجد ترجمته العملية بخطوات مدروسة ومتسارعة نحو الهدف.. وهنا نؤكد أنه لايمكن تحقيق الإصلاح السياسي المنشود إلا في مناخ الحريات العامة والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان.. ولكي لا يظل الإصلاح السياسي شعارا لفظيا تتغنى به الحكومات المتعاقبه ولا تكلف نفسها عناء استصلاح التربة اللازمة والبيئة المناسبة لغرس «شتلاته».. بل انها تتعمد اغفاله لتظل البيروقراطية هي سيدة الموقف.

من هنا فقد غدا من الضروري التركيز أولا وقبل كل شيء على التنمية السياسية التي يمكن تدشينها بإنعاش الحياة الحزبية الحقة من خلال إعطاء الفرص وأشكال الدعم اللازم لجميع أحزاب اليمين واليسار والوسط على طريق الأخذ بمبدأ تداول السلطة الذي يقتضي صدور قانون انتخابات تشريعية وبلدية عصري.. وعند انجاز هذه المهمة السياسية التي ينبغي أن تتلازم خطواتها مع التفكير الجدي في وضع استراتيجية للإصلاح الاقتصادي وصولا الى تحصين اقتصادنا الوطني من تداعيات الازمة الاقتصادية العالمية ووضع حد لتغول القطاع الخاص أمام سياسة إضعاف القطاع العام.. نعم ينبغي مراجعة السياسة الإقتصادية الحالية التي من نتائجها تفاقم حجم البطالة ومضاعفة نسبة الفقراء وتغول تجار السوق من خلال سياسة الإحتكار وحمى الغلاء الفاحش التي لايتحملها إلا الأغنياء..

نأمل ان يكون الرئيس المكلف المشهود له بالفطنة والنباهة قد التقط رسالة جلالته وعقد العزم على مضمون كتاب التكليف السامي ترجمة عملية سليمة وأمينة..والله ولي التوفيق..

(الرأي)