ربيع مصر: مرحلة انتقامية لا انتقالية! * حلمي الأسمر
حلمي الأسمر
04-02-2011 03:53 AM
لم يعد مهما الآن أن ننتظر نتيجة المرحلة الانتقامية لا الانتقالية ، التي تمر بها أمنا وأم الدنيا مصر ، فقد حُسمت النتيجة لصالح رجالة ميدان التحرير ، الذين رفعوا شعار: اما الخلاص أو الشهادة ، فنحن نعيش بالفعل والشواهد كلها ربيع مصر والعرب كلهم ، قطرات الدم الزكية التي أراقها البلطجية ، أنارت قلوب الملايين ، ولي تجربة فريدة مع هذا الأمر ، فبعد ان هجم البلطجية على شباب ميدان التحرير ، شعرت بقهر شديد ، واحترت ما أفعل ، وكانت الساعة جاوزت منتصف الليل ، فأنشأت مجموعة على الفيس بوك أسميتها: حملة دعم الصامدين في ميدان التحرير ، وخلال ساعات ناهز أعضاؤه السبعمائة عضو ، فاضوا فيضا للتعليق ومتابعة الأخبار ، وابداء الرأي ، وهذا شيء مدهش وغريب ، أن يحوي مثل هذا الجروب كل هذا العدد من الناشطين بمجرد فتحه ، ما يدل على التفاعل الهائل للناس مع ربيع مصر ، والعرب كلهم،.
ربيع مصر هو ، وربيع العرب بكل المعاني ، فقد ودع القوم أيام الصمت ، وهم يدخلوننا جميعا عصرا جديدا ، يملي على النخب الرسمية أن تستمع جيدا لما يقوله الشباب ، هؤلاء الشباب "الديجيتال" شباب الاننترنت ، الذين كان يقال أنهم شباب بايخ مايص ، يقضي وقته في الدردشة ، وتضييع الوقت ، والبحث عن المتع واللذائذ ، واذ بهم يعكفون على صياغة مستقبل الأمة ، ويرسمون أروع اللوحات ، ويطرزون أجملها ، ليزينوا بها صدر المستقبل،.
النتيجة التي ينتظرها كثيرون وقعت ، بغض النظر عما يمكن أن يحصل نتيجة تدحرج كرة الأحداث في المحروسة ، فثمة انهيار كامل في جانب ، وصعود كامل في جهة أخرى ، المؤرخون يقولون أن الثورات الشعبية لا تفشل أبدا ، كل الثورات الشعبية نجحت ، ولكن الأبصار تشخص لمن يقطف الثمار ، ولن تكون هذه الثمار الا في صالح الشباب ، لأنهم كالمارد الذي خرج من القمقم ، فمن يستطيع أن يعيده اليه؟.
تبقى كلمة تغص في الحلق ، فقد استمعت بذهول لنخب صحفية وفنية ودينية وفكرية ، تجعجع عبر وسائل اعلام رسمية ، تتخاذل عن نصرة الشباب ، وتتمسك بمكتسباتها الآنية ، على حساب مكتسبات بحجم الأمة والوطن ، وتيقنت أن المثقف ليس أقرب الى الخيانة ، بل هو خائن بطبعه ، الا من رحم ربي ، ويبدو أنهم من فئة الشعراء ، الذين يقولون ما لا يفعلون ، وفي كل واد يهيمون ، في مثل هذه اللحظات الحاسمة والتاريخية في حياة الأمم ، يتمايز الناس في مواقفهم ، ويحدث الفرز بين الخبيث والطيب ، هؤلاء الذين طالما تغنوا بالمثل القائل: تجوع الحرة ولا تأكل بثديها ، رأيتهم وهم يتباهون بالأكل ليس بأثدائهم فحسب ، بل بأثداء الجيران ، حرصا على مغنم تافه ، أو منصب وضيع،.
حرس الله مصر المحروسة ، وحمى رجالة ميدان التحرير ، الذين اثبتوا انهم على مستوى صناعة التاريخ ، بأدوات بسيطة ، تبني هرما رابعا للحرية والكبرياء والكرامة بدمهم وصمودهم وارادتهم ، ما يؤكد أن مصر ولادة فعلا ، فهي أم الدنيا ، وامنا جميعا.
hilmias@gmail.com
(الدستور)