الانتحار سلوك متعدد الدوافع ينشط حين يختل التوازن بين غريزتى الحياة والموت، وهو لا يولد فى لحظة تنفيذه، إنما يكون رابضاً كخيار فى طبقات الوعي الدفينة إلى أن يطفو فوق السطح وينشط فى ظروف بعينها ليكون الخيار الوحيد الذى يراه الشخص فى تلك اللحظة المظلمة على أنه أفضل الحلول... والانتحار بهذا المعنى ليس حدثاً عشوائياً، وإنما هو عبارة عن منظومة فكرية ووجدانية وسلوكية تنتظم أجزاؤها عبر السنين والأحداث ليبرز كوسيلة للخروج من مأزق أو أزمة نفسية لشخص وصل إلى حالة من انعدام الأمل أو وقع تحت ضغوط، وضاقت أمام عينيه الخيارات أو تلاشت، أو أرادها هو أن تضيق وتتلاشى.
تشير أغلب الدراسات العلمية الى أن 98 % من المنتحرين هم مِمَن كانوا أو ما زالوا يعانون من أمراض نفسية أو عضوية... وعلينا أن ندرك أيضاً أنه ليس هناك سوى عدد قليل من حالات الانتحار التي تحدث بدون إنذار. فمعظم المنتحرين يعطون إنذارات واضحة عن نواياهم. وبناء عليه ينبغي إيلاء الاهتمام الواجب لجميع التهديدات المتعلقة بإيذاء الذات، وإضافة إلى ذلك، فإنّ غالبية الأشخاص الذين يحاولون الانتحار هم أشخاص يكتنفهم التناقض وعدم اليقين في الرغبة بالموت.
قتل النفس أو الإنتحار هو سلوك إنساني معروف عبر التاريخ، لكن الخطر يكمن عندما يتحول الإنتحار الى ظاهرة أو عُرف أو طريقة للرفض والإحتجاج على الأوضاع بحيث يصبح هذا العرف سائداً ومقبولاً لدى المجتمعات، مما قد يشجع البعض على الإنتحار كوسيلة للإحتجاج... إن ما يدفع الإنسان إلى الانتحار كما يؤكد المختصون في علوم الدين هو قلة الواعز الديني الذي يجعله لا يفكر في عواقب ما يقوم به تجاه نفسه ويكون ذلك في لحظات مريرة يفقد فيها صوابه وعقله ويظهر عليه الغضب اللامحدود حتى أنه لا يستطيع أن يسيطر على تصرفاته؛ مما يؤدي به إلى قتل نفسه دون التفكير بعقلانية.
إننا كشعوب مؤمنة بالله نعرف حق المعرفة بأن الإنتحار هو محرم في كل الديانات السماوية، وحتى في كل الشرائع الإنسانية... فأرواحنا وأجسادنا هي أمانات من لدن الخالق جلت قدرته، لا يحق لأحد منا التفريط فيها أو إيذاؤها بأي شكل من الأشكال.
وما بعد الضيق إلا الفرج وما من مشكلة على وجه البسيطة إلا ولها حل، وعلى الإنسان السعي دوماً للبحث عن هذا الحل والفشل ليس نهاية الطريق وإنما هو حافزٌ لنا للمحاولة مرة أُخرى.. فالواجب على الإنسان الذي ميزه الله سبحانه وتعالى بالعقل ووهبه نعمة الحياة العظيمة أن يستعملها فيما خُلق من أجله ألا وهو عبادة الله وإعمار الأرض!!
Diana-nimri@hotmail.com
(الرأي)