كلما اسمع حديثا عن الإصلاح الإداري في مؤسسات الدولة أشفق على المتحدث وعلى المستمعين الذين سيقف بعضهم للإشادة بالمتحدث سواء اصاب أو أخطأ.
لقد تحول الأمر الى نكتة تجلب البكاء لا الضحك.
أشفق على المتحدث الخبير المتخصص لان ما لم يقله للمستمعين انه لا يرى آملا بإنجاز إصلاح إداري ولأنه يخفي يأسه خلف عبارات تفاؤل وهمية، وأشفق على المستمعين الذين يحسبون السراب ماء.
منذ العام العام 2000 والحديث يدور عن الإصلاح الإداري يتحدث به الخبراء والنواب وتتبناه الحكومات في بياناتها الوزارية إلى ان جرت في العام 2011 محاولة أحداث ثورة إدارية اصلاحية فتم اخمادها في مهدها...
يجري التركيز في التطوير الإداري على الجانب التكنولوجي وتتباهى مؤسسات في الدولة انها تتلقى طلبات الخدمات إلكترونيا ولكنها في نفس الوقت تختنق من الداخل بضعف الخبرة في التعامل مع الوسائل الإلكترونية وتراجع الكفاءات وفائض اعداد الموظفين.
ان التسابق على التكنولوجيا في معظم مؤسسات الدولة والادعاء بأنه تطوير إداري سباق شكلي ضعيف المضمون بين مدراء يسعون للتشبث بمراكزهم برش طبقة من السكر على السوس الذي ينخر جسم المؤسسة.
وينطبق على ذلك ما يتساءل به الشاعر المرحوم خالد الساكت ( لماذا يغطون بالزهر مليون جيفة).
ان الإصلاح الإداري الذي تتبناه الحكومات أشبه بمن يحمل كيسا من الأرز الفاخر يباهي به الآخرين ثم أكتشف متأخرا أن حبة واحدة مصابة بالسوس قد افسدت كامل الكيس.
ان سوسة الإصلاح الإداري في بلدنا هي غياب الضمير الاخلاقي في تكافؤ الفرص ( الواسطة والمحسوبية) التي كان نتيجتها تولي بعض الفاشلين قيادة الإدارة الحكومية، ونزوح الخبرات و الكفاءات إلى دول الخليج وإلى أمريكا وكندا.
فما ان يفشل مسؤول سابق في عمله حتى نراه يتقلب في الوظائف ومجالس إدارات الشركات الحكومية وهذا سر يستعصي على الفهم.
وما ان يجري تعديل وزاري حتى نشاهد الرئيس يشكر ( المكحوشين) من حكومته على تفانيهم و جهودهم في خدمة الوطن.
ولولا ان يطالنا قانون الجرائم الالكترونية بجرم اغتيال الشخصية لذكرت بالأسماء كيف يكافئ فاشلون بالعمل او إدارة مؤسسات وهيئات مستقلة ومجالس إدارات شركات.
لسنا بحاجة إلى خطط إصلاح إداري بقدر حاجتنا الملحة إلى إصلاح النظام والضمير الأخلاقي في استقطاب الكفاءات بتنافسية وشفافية ونزاهة ابتداء.
من ينكر أن الإدارة الأردنية في ستينات وسبعينات القرن الماضي كانت على ضعف الامكانيات افضل منها اليوم لا يرى الا بعين واحدة.