عندما تتفاوض الولايات المتحدة نيابة عن الجيش
د.حسن عبد الله العايد
03-02-2011 03:05 PM
لعل أهم ما يميز النفوذ الأمريكي في الدول الصديقة والتابعة هو السيطرة المباشرة لوكالة المخابرات الأمريكية الـ " "CIA على قيادات القوات المسلحة في هذه الدول. وهذا السيناريو قديم استخدمته الولايات المتحدة كلما احتاجت إلى ذلك ، فلقد جرى تطبيق هذا السيناريو زمن الشاه والذي طرحه حينئذ جورج بال مستشار الرئيس الأمريكي كارتر خلال الأزمة الإيرانية حيث تم طرح البدائل التالية : الأول، ان يقود الشاه بنفسه الإصلاحات السياسية ، و الثاني ان يوكل الشاه سلطاته إلى ولده، اما البديل الثالث فكان تسليم زمام الأمور إلى الحركة الثورية الإسلامية. وحتى أواخر عهده كان الاتجاه الأمريكي مع بقاء الشاه وان يقود بنفسه هذه الإصلاحات ، والضمان الأمريكي كان بالنسبة لهم هو الجيش الإيراني الذي كان يشكل القاعد الأساسية للنفوذ الأمريكي في إيران، ومع نهاية العام 1978 تحول الموقف الأمريكي، في الأيام الأخيرة من عهد الشاه فاصبحو مقتنعين برحيل الامبرطور .
هذا السيناريو يتكرر في مصر الآن، فبعد يوم الجمعة 28-1 تطورت التصريحات والمواقف الأمريكية تجاه ما يحصل و بعد ان اقتنع الأمريكان ان الاصرارعلى بقاء الرئيس حسني مبارك لا فائدة منه، أخذوا يغيرون من مواقفهم علنا . كانوا قلقين بخصوص رحيل مبارك بعد خطابه الذي اعلن فيه تغيير رئيس الوزراء وتعين نائب له ، لكن يبدو ان الأمريكين يرون ان يتعاون الجيش مع الثورة حتى تنجح، ويكون الوضع العام واتجاه الحكم كما تريدوه الولايات المتحدة و كما حصل في الثورة الإيرانية فقد كانت نظرية برجينسكي تقول، انه في حال ذهاب الشاه فان القوى الوحيدة التي تستطيع الوقوف في وجه الخطر الشيوعي هو ائتلاف بين المؤسسة العسكرية ورجال الدين، وكان استدلاله قائم على أساس ان رجال الدين بطبيعتهم معادون للشيوعية ، وهذا الحال يريده الأميركيون تطبيقه في مصر من حيث ايجاد نخبة حاكمة تؤمن بعملية السلام مع اسرائيل، و هو حث الجيش على عدم القيام بانقلاب عسكري وان لا يقوم بعد رحيل مبارك بأعمال تفقده شعبيته بين أوساط الجماهير كما حصل في تونس، حيث حافظ الجيش على احترام وتقدير الشعب التونسي ولدى الأمريكيين قناعة حاليا بانه إذا حافظ الجيش على انسجامه ووحدته وتعاون مع الثورة فانه بعد انتصارها وبعد ان تخمد المشاعر العامة بإمكانه ان يطالب بكل بحقه و بنصيبه كاملا من الثورة باعتباره جزء منها .
وقد حصل سيناريو قريب ومشابه في الفلبين مع الرئيس السابق ماركوس" حيث قام بتزوير الانتخابات وأصبح بالتالي رئيسا مزورا لجمهورية الفيليبين . عندها دخل الجيش على الخط وأعلن ان ماركوس ليس رئيسا للبلاد وتم الإعلان عن فوز "السيدة كرزون اكينوا" وتم ترحيل ماركوس عن البلاد وعلى هذا النحو أصبح الجيش جزءا من عملية تغيرية ومن الثورة في الفليبينين.
هذه الدروس مستفادة من الخبرة التاريخية والإستراتيجية الأمريكية التي تتعامل مع الأحداث بنفس النمطية وهذه دلالة فاقعة على الاختراق الأمريكي لمؤسسات وطنية ذات أهمية سيادية لذا على الجميع الحذر من الآتي المجهول ومن المخططات التي لا تضمر خيرا لوطننا العربي .
نحن في الأردن لدينا وبحمد الله قيادة هاشمية محل إجماع جميع شرائح المجتمع وقوات عسكرية بعيدة عن دهاليز السياسة تحمي سياج الوطن وتفديه وقيادته الهاشمية بالمهج والأرواح .
hasanayed@yahoo.com