عالعادة، تخطئ النخب السياسية الحاكمة في الوطن العربي في قراءة الاحداث ، وتعتمد منطقا تقليديا مبسطا في قراءتها.
ان ما يحدث الان بدون ادنى شك، ان لحظة تاريخية مواتية تماما للتغيير في طول الوطن العربي وعرضه قد تشكلت، وان ليس هنالك قوة في الارض تستطيع اعتراضها او ايقافها. فبدلا من استخدام الاسلوب الفاشل والمتخلف في مواجهتها وذلك بترك مجتمعاتنا في حالة انكشاف استراتيجي مخيف امام قوى تغيير راديكالية هائلة تواجهها بردات فعل يائسة، لا بد من اعتماد اسلوب التفاعل الايجابي مع هذه الاحداث ومحاولة ادارتها لتخفيف التأثيرات الجانبية التي تحدثها عادة اية تحولات راديكالية سريعة من هذا النوع.
ان اسلوب التفاعل الايجابي مع الاحداث يتطلب ان تقوم ما تبقى من النخب السياسية العربية باجراء تغييرات عميقة جدا وجذرية وفورية في اسلوب الحكم وطريقة التعاطي مع المعطيات السياسية والاجتماعية والاستراتيجية والشعبية بما يضمن ايجاد آليات حقيقية تساعد على الدخول مباشرة الى قلب الازمة والتفاعل معها وقيادة احداثها وتوجيهها صوب الوجهة المناسبة بدلا من الانتظار لحين وقوع الازمة ومن ثم التعامل معها بردات فعل شبيهة لطريقة تعامل بن علي والنظام المصري مع معطيات الازمات التي واجهت بلدانهم.
ان الاقتراب الخجول والبائس من منطقة التعامل مع الازمة لا يقود في اي حال الى حلها، بل يجعل الازمة اقوى من الجميع ويصبح الجميع يطاردون تطورات الازمة المتفاعلة بدلا من قيادتها.. اي اننا سنكون في وضع من يحاول اطفاء نيران هائلة بكوب من الماء بدلا من محاولة منع اشتعال النيران قبل حدوثها اصلا.
ان من الحكمة ان تسعى النخب السياسية العربية الان الى تشكيل خلايا لادارة الازمة، تكون مهامها وضع خطط تنفيذية فورية لمواجهة الآتي والتعامل معه بطريقة علمية ابتكارية تحفظ المجتمعات من التفكك وتقلل مخاطر ان تكون هذه المجتمعات نهبا لعوامل تغيير فوضوية قد تقود الى احداث ثأثيرات جانبية مدمرة تبقى تفاعلاتها لفترة زمنية طويلة في المستقبل.
انه نداء الى كل من يهمه الامر، فالاوطان ومستقبل اجيالها اكبر كثيرا من الاشخاص واكبر كثيرا النظم السياسية ومصالح الفئات التي استفادة من اوضاع الماضي الذي ادى الى التطورات الحالية التي نتكلم عنها الآن.
عاش الاردن وعاشت الامة.
qatamin8@hotmail.com