عوامل جديدة في مشاورات التشكيل
باتر محمد وردم
03-02-2011 03:02 AM
تمثل فترة المشاورات لتشكيل الحكومات الجديدة إحدى أهم مراحل الترفيه في الحياة السياسية الأردنية ، وهي مرحلة باتت تتكاثر في السنوات الماضية بحيث لا تمر سنة إلا ويشهد فيها الأردن تعديلا أو تغييرا وزاريا يشد النخبة السياسية والطامحين والإعلاميين والرأي العام وتنشط فيها طاحونة الشائعات ويتنافس فيها مستخدمو الإنترنت على طرح اسماء أصدقائهم واقاربهم كوزراء محتملين في المواقع الإخبارية.
ولكن مشاورات رئيس الوزراء المكلف معروف البخيت ستكون مختلفة قليلا لأن هنالك عوامل جديدة دخلت على لائحة معايير اختيار الوزراء ، ويعلم الرئيس المكلف لأنه سيدفع كلفة سياسية عالية وسريعة في حال كان هنالك اختيارات غير موفقة أو اسماء مفروضة عليه ، ومن المهم أن يلتزم بوجهة نظره في اختيار الوزراء الذين يدعمونه سياسيا وفنيا ولا يشكلون عبئا على الحكومة. وما نقصده بالعوامل الجديدة هو أن الرأي العام وبعد أن تحرك خلال الأسابيع الماضية وأعلن عن تنامي تأثيره سيكون مهما في عملية الاختيار لأن الرئيس الجديد لن يغامر في اختيار أسماء لا تحظى بالشعبية أو تحوم حولها علامات الاستفهام حتى لا يبدأ النقد للحكومة الجديدة من خلال وزراء يشكلون نقاط ضعف.
ما تسرب عن الرئيس المكلف هي رغبته في تشكيل حكومة من وزراء أصحاب خبرة وقريبين من نبض الشارع كما أنه يأمل في تخفيض عدد الوزراء وهي خطوة جيدة فقط في حال كان التخفيض يركز على الوزارات البروتوكولية وليس دمج وزارات فنية تحت قيادة وزير واحد فهذه تجربة اثبتت فشلها عدة مرات.
حسن الاختيار مهم جدا لأن الأردن ما عاد يتحمل هذا الحرق السريع للوزراء والمسؤولين والذين يصعدون بصورة استثنائية ثم يصبحون وزراء ولا يكادون يمضون شهورا حتى يتم تغييرهم وبالتالي إيصالهم إلى قمة حياتهم المهنية في غضون سنوات قليلة وبالتالي فقدان الفرصة للمساهمة بتحقيق أفكارهم وأهدافهم في العمل المنهجي. والآن يقبع عشرات الوزراء ممن يحملون لقب معالي وهم في عز عطائهم منتظرين فرصة أخرى من الدولة بينما يتعرضون للتشكيك في قدراتهم من قبل الراي العام ، وهي حالة تمثل ظلما عليهم شخصيا وعلى الدولة أيضا التي سيزداد عليها العبء التقاعدي إضافة إلى الرغبة في إعادتهم ربما في مواقع أخرى وليست بنفس التخصصات في المستقبل القريب.
نرجو أن يتمكن الرئيس المكلف من التركيز على ثلاث مزايا رئيسية للوزراء الجدد وهي النزاهة أولا والكفاءة في الاختصاص ثانيا والوعي السياسي ثالثا وإذا ما تمكن من أن يضع في كل وزارة وزيرا نزيها وأمينا ، ويمتلك التخصص الدقيق المطلوب في كل وزارة لتحقيق الأهداف والخطط المرسومة ويمتلك الوعي السياسي الكافي لإدراك دوره والحرص على الاقتراب من الراي العام وضبط التصريحات فهذا سيكون نجاحا حقيقيا في ظل الظروف الحالية. وما يزيد الأمور صعوبة أن الرئيس سيكون ايضا مطالبا بالحرص على "التفاهم غير المكتوب" في توزيع المناصب الوزارية بشكل متوازن سياسيا واجتماعيا إلى أن نصل إلى مرحلة الانتخاب المباشر للحكومات حيث يتحمل الرأي العام المسؤولية في الاختيار بدلا من تحميلها لرئيس الوزراء.
سيكون من المحبط أن يتم التشكيل بالطرق التقليدية ولدى الرئيس المكلف فرصة لإحداث فارق في معايير اختيار الوزراء وخاصة أنه يعلم مدى الكلفة التي قد يدفعها في حال عدم التوفيق في الاختيار.
(الدستور)