الجيش العربي وتشكيل الوعي وبناء القيّم
محمد الحمدات
12-09-2023 04:13 PM
مساء الأمس في طريق العودة إلى المنزل ولقتل الوقت الطويل في المواصلات، استمعت إلى حلقة بودكاست تتحدث عن أهمية مرحلة الطفولة في تشكيل الوعي ورسم القيّم التي ترافق الإنسان طيلة حياته، لأعود في ذاكرتي إلى تلك المرحلة من العمر واراجعها على مهل، لأتمعن في تفاصيل دقيقة كان لها الدور الأبرز في بناء التعلق بالوطن والحرص على إدامة السلام، والصدق والوفاء والتضحية.
جزء كبير من طفولتي، تأثر بشخصية والدي العسكرية، الذي بكل فخر خدم منتسبًا للقوات المسلحة الأردنية، ونقل إلينا بأمانة تلك القيّم التي تعلمها في الجيش العربي، من حرص على إفادة الناس والحفاظ على سلامتهم، وتقديم يد العون والمساعدة لهم.
ولا تذهب من بالي، تلك الأيام التي كان يحدثنا بها أبي عن دوره في حفظ السلام في مناطق النزاع، أثناء ترحاله مع قواتنا الأردنية الباسلة، كبعثة حفظ سلام، وفور وصولي إلى المنزلي هرعت إلى البوم الصور الخاص به أثناء قيامه بعمله مع قوات حفظ السلام في هايتي، ولا تغيب عن البال تلك المشاهد أثناء حملهم للأطفال ورعايتهم للمسنين ودورهم البارز في تأمين مستقبل أفضل لشعوب أنهكتها الحروب.
علمنا الجيش قيمة حب الأرض، وحفظ السلم، واغاثة الملهوف، والفزعة لكل من يطلب النجدة، ففي شتاء سابق عصفت بالأردن عاصفة ثلجية اغلقت الطرق وعطلت السير وحالت دون الوصول إلى أهلنا في قرى ومناطق مختلفه بفعل العاصفة الثلجية واصابنا العجز عن تقديم المساعدة لهم، لتساهم طائرات الجيش العربي والياته في إيصال المساعدات لهم وشق الطرق وتذليل كل الصعاب، لنبقى على اتصال مباشر مع أهلنا واصدقاءنا وتيسر لنا الطريق الأمن للوصول إلى مدارسنا آمنين،
وقد كان لها الدور في تأمين المدارس بوسائل التدفئة طيلة فصول الشتاء، لنبقى آمنين مطمئنين في مدارسنا.
والحقيقة، أن من أهم ما تعلمناه ونُقِش في صدورنا، هو رسائل الحب والسلام والأمن التي اشاعها جيشنا العربي الذي ادرك جيلنا جزءا يسيرا من دوره، في دوره في استقبال ورعاية للاجئين والنازحين من اخوتنا العرب بكل المحبة، فصور جنودنا وهم يحملون الصغير ويعينون الكبير عالقة في الذهن لا تغيب.
وقبل ايام، عندما تقطعت السبل في أهلنا وجاليتنا ومجموعة من اخوتنا العرب بالسودان الشقيق على اثر ما يجري هناك من نزاع مسلح -نسأل الله أن يصلح حالهم-، كان الجيش بطائراته أول من فزع لإعادتهم إلى وطنهم سالمين ومن كل خطر آمنين، وكانت الأردن اول دولة تؤمن رعايها وعلى وجه السرعة، وهنا نتعلم الحرص على سلامة اخواننا وأن الفزعة هي الإغاثة على وجه السرعة دون تقاعس او انتظار.
حفظ الله لنا جيشنا عربيا، قويا امينا، زارعا في قلوب أطفالنا قيّم تعيش معهم، وتربيهم على أن القوة هي في إعانة الناس وتسهيل حياتهم وتقديم كل ما يلزم لهم
وليعيش الجيش العربي