في ظل زيادة حجم التبادل التجاري بين دول العالم، وفي تداخل واضح ما بين بعض المفاهيم الاقتصادية من رسوم وجمارك وضرائب ودخل خاضع وغير خاضع وغيرها من المفردات والمصطلحات ذات الصلة، ظهر جلياً أن العالم بحاجة اليوم إلى معايير ضريبية موحدة، تجمع الدول على استخدامها كما هو الحال في معايير الإبلاغ المالي الدولية (IFRS) ومعايير المحاسبة الدولية (IAS) فالقوائم المالية الختامية كالمركز المالي والدخل والتدفق النقدي والتغيرات في حقوق المساهمين، الإفصاح الشامل والتقارير المالية الموحدة وغيرها من القواعد الأساسية في عالم المال والأعمال جعلت من المحاسبة لغة مفهومة ومقروءة بين دول العالم!
إن تطور وتعدد المُسميات لبعض المفاهيم واختلاف النماذج والمستندات بين الدول كضريبة المبيعات والقيمة المضافة، التهرب والغش الضريبي، الازدواج والتضخم الضريبي، الإعفاءات والتنزيلات الضريبية، المقيم وغير المقيم ضريبيًا، المخصصات والتسويات، الأسعار التحويلية والعلاقات الشخصية، كل هذا وغيره جعل من الملف الضريبي ملفاً متعباً للمنشآت وللدوائر الضريبية على حد سواء، وما بين مُكلف ضريبي ملتزم ومُتهرب ضريبي مقتدر، غابت العدالة في بعض الحالات وضاعت الحقيقة في حالات أخرى!
لقد ورد ذكر الضرائب في المعيار المحاسبي الدولي الثاني عشر، وعلى الرغم من أن هذا المعيار غطى بعض الجوانب المتعلقة بالضرائب كالموجودات والمطلوبات الضريبية والفروقات والأرصدة الضريبية، إلا أنه ترك الباب مفتوحاً للاجتهاد في بعض الحالات، رافق ذلك عدم ربط القوانين الضريبية بمعايير المحاسبة الدولية في كثير من القضايا، فأصبحت المحاسبة بعيدةً عن الضريبة مما ساهم في زيادة الفجوة الضريبية وعزز لدى البعض الفرصة في التهرب الضريبي!
يجب أن تضمن المعايير الضريبية الدولية عدم المساس بالقواعد الإجرائية الثابتة والتي تواترت عليها القوانين الضريبية المتعاقبة تحقيقاً للاستقرار في القواعد الضريبية التي ثبُتت فاعليتها وجدواها ولم يترتب عليها أي مشكلات في التطبيق، بالإضافة إلى أهمية التوحيد الإجرائي على القواعد القابلة للتطبيق على مختلف أنواع الضرائب.
هنالك بعض التحديات التي تواجه الدول للوصول إلى نظام ضريبي موحد، ولكن العالم أمام فرصة تاريخية لتوحيد الفكر الضريبي القائم على الموضوعية والمنهجية، مستفيدًا من التقدم التكنولوجي الهائل للوصول الى مفاهيم مشتركة في كشف الإقرار الضريبي وفي تعريف التهرب والازدواج الضريبي مع وجود بعض الخصوصية في منح الإعفاءات وفرض المعدلات الضريبية بشكل يجعل من النظام الضريبي ذراعًا اقتصاديًا فاعلاً وضابطاً اجتماعيًا عاملًا وصولًا لنظام ضريبي اقتصادي اجتماعي تكاملي تفاعلي يحفظ الالتزامات ويضبط الاجتهادات!.