و كأنّ أرض العرب أبت إلّا أن تهتز من باطنها شرقا و غربا ، مناجيةً عقول من عليها للتفكّر ، فلا الأرض لُبّيت فهدأت و لا العقول تفتّحت...و ما بين الأرض و أولادها، أرواح ذهبت إلى السماء في ليالي أقل ما توصف بها أنّها سوداء.
ما بين زلزال شمال سوريا و زلزال المغرب ، لا زال العقل العربي أو بعض منه يفكّر ذات التفكير و بذات البساطة ، فكيف سيفصل العربي بين الدين و الدنيا؟ كيف سيفصل بين السماء و الأرض ، بين المنطق و اللامنطق ، بين العاطفة و العِلم ، كيف سيقتنع أن الزلازل لها تفسيرات علمية بعيدة عن العقاب و الثواب و السخط و الخطيئة؟
إن بقينا نفكر هكذا لن نتقدم ، لن تتطوّر عقولنا مطلقا ، فإن كان كل فعل و رد فعله خلاصته المسافة بين الانسان و الخطأ فلماذا لا زالت كيانات بأكملها موجودة ، و ما الغاية من وجودنا إذن؟
و فلنفترض جدلا بأن علم الزلازل لم يوجد و لا زال طي الخيال ، و أن مبدأ العقاب هو الحقيقة ، لماذا قد تُضرب قرى بسيطة في المغرب؟ لماذا قد يُضرب الشمال السوري المنكوب ليزيد فوق الوجع أوجاع؟ لماذا لم تتزلزل مجتمعات يراها البعض خارجة عن المألوف؟ لماذا دول مغتصبة لم يزرها الزلزال؟
هذه لمحة عن انعدام المنطق ، لذلك يجب أن نفصل الدين عن الطبيعة كما يجب أن يفصل عن القانون ، فصل الدين تعني تنزهته عن أي شائبة قد يلحقها المتسلقون ، تجار الدين الذين يتربّحون من بورصة الايمان المزيّف ، نحن في أمسّ الحاجة بعد كل مصيبة و كارثة أن نفكّر ، فإن بقينا نؤجّر عقولنا ، سنختفي و نحن على قيد الزوال.