سعت حكومة دولة الدكتور بشر الخصاونة وبتوجيهات ملكية سامية ، وضمن خطة تحديث القطاع العام ورؤية التحديث الاقتصادي ، الى مواكبة تغير طبيعة الأعمال في مختلف الصناعات والقطاعات ، بفعل تواصل الثورة التكنولوجية ، والتي تسببت في فجوة كبيرة في المهارات لدى القوى العاملة ، وأدى إلى اضطراب في الإنتاجية ، ما تطلب ضرورة التزود بالمهارات اللازمة لتمكن من التكيف مع مختلف المتغيرات ، وتقليل مخاطر الخمول الطويل في سوق العمل ، ما استدعى توفير نظام تنافسي مرن ومبتكر وعالي الجودة ، يتميز بالحوكمة الذاتية الشاملة ، وقادراً على تزويد الأردن والمجتمع الدولي بقوى عاملة جيدة التدريب وذات مهارات عالية ومتنوعة باعتماد نهج علمي تطبيقي ، مدعوم بممارسات جيدة وبيئة سليمة ، ذلك بتوفير تعليم وتدريب مهني وتقني مزود بالكوادر التعليمية المدربة والمتخصصة ، والتي تتمتع بالخبرة التربوية والمهنية ، اضافة الى وضع المناهج الدراسية المواكبه للتطورات المتسارعة وتنفيذها ، ضمن بيئة تعليمية يتوفير بها المرافق الحديثة التي تليق بمكان العمل ، وخدمة الدعم التي تركز على التعلم وتكافؤ الفرص ، والروابط القوية مع أصحاب العمل والمدعومة بذكاء سوق العمل .

من هنا جاءت تأكيدات وزارة التربية والتعليم الذراع التنفيذي لرؤية الدولة في هذا المجال ، بالسعي من اجل العمل على تحقيق ذلك ، وفق رؤية جلالة الملك التي يعضده فيها سمو ولي العهد وتوجيهات رئيس الوزراء ، فقد شرعت بالاستناد الى خطة منهجية بالبدء في الخطوات التنفيذية في تطبيق خطة تطوير التعليم المهني والتقني وفق أفضل الممارسات الدولية ، واحتياجات القطاعات الاقتصادية بدءًا من العام الدراسي الحالي (٢٠٢٣ / ٢٠٢٤) ما يمثل خطوة كبيرة وإيجابية لتنويع مسارات التعليم والتوسيع في خياراته المهنية والتقنية.

وفي هذا السياق كان لا بد من وجود إجراءات يعمل التوجيه المهني على العمل بها ، وضمن الإطار الوطني للمؤهلات ، ما يستدعي التأثير على الإدراك العام ، والتوجيه والترويج لمؤهلات هذا النوع من التعليم ، لضمان تهيئة الطلبة وتوجيههم لاختيار التخصصات وفقًا لميولهم واهتماماتهم ، خاصة وان العالم يسير في نمو اقتصادي متسارع ، وهذا يدعو الى تطبيق تخصصات جديدة متوائمة مع متطلبات الألفية ، فكان لزاماً الاطلاع على تجارب الدول الأخرى في هذا المجال ، حيث من الضرورة بمكان التعاون مع أحد المؤسسات التعليمية المجربة والمعتمدة لذلك ، والتي من ابرزها تجربة البرنامج البريطاني (BTEC) من بيرسون ، والذي يعتبر من اقوى البرامج الأكاديمية الفريدة والمتميزة في العالم في المدارس الثانوية والجامعات ، والذي يطبق في أكثر من ٧٠ دولة ، اذ يعتبر موردًا أساسيًا لأصحاب المؤهلات والمهارات في الدول التي تطبق برامجه ، كونه يركز على السوق المستقبلي في عالم الأعمال والاقتصاد ، من خلال ما يتمع به من ميزات جعلته نقطة استقطاب لأعداد كبيرة ممن يرغبون في بناء مسار وظيفي واضح ، ويشجع البحث والاستقصاء حيث يطور مهارات التفكير والتعلم الذاتي لدى الطلبة ، كما ويمنح هذا البرنامج طلابه خصوصية من حيث التطبيق العملي والمهاري ، ليكتسبوا مهارات عملية وحياتية، وبكفاءة عالية تؤهله لدخول سوق العمل .

واننا في الأردن وجدنا ان برنامج الـ (BTEC) ، يتناسب مع التخصصات المطلوبة للسوق المحلي الاردني ويتلائم مع فلسفة وزارة التربية ، وفي ماهيتة ما يشجع على انتهاج أسلوب فريد متميز في التدريس ، حيث التعلم من خلاله يتم بالعمل والتدريب والملاحظة والتجريب والقياس واختبار النظريات في المشاغل والمختبرات ، معتمدا على تطبيق مباشر للمعارف النظرية وعلى الواقع العملي الحياتي ، مما يؤهل الطالب للدراسة الجامعية بكفاءة عالية ودخوله سوق العمل ، كما وان هذا البرنامج يعتمد على التقويم عن طريق التدريب ، حيث لا توجد امتحانات نظرية لتقويم الأداء إنما عبر مشاريع طلابية ، حيث يتم تقويم الطالب في كل مادة دراسية من خلال قيامه بعدد من المشاريع الصغيرة تعكس فهمه للمادة وتدلل على اكتسابه للمهارات المطلوبة.

والان وقد شرعت وزارة التربية والتعليم الى إعداد الطلبة وتهيئتهم لدخول مرحلة جديدة من عمرهم التعليمي ، من خلال تطبيق هذا البرنامج ، الذي يمتاز بتسريع نمو برامج التعليم والتدريب التقني والمهني في الأردن ، وبما يتماشى مع أهداف الحكومة لسد فجوة المهارات وتزويد الخريجين بمزيد من الفرص في اسواق العمل المحلية والوطنية والعالمية حاليًا وفي المستقبل ، حيث ان المؤهلات التي تقدمها (BTEC) من بيرسون، المصممة بالشراكة مع أبرز العقول المعنية، تعمل على اكتساب المهارات من خلال التعلم ، وتقدّم خياراً مثالياً للطلبة الباحثين عن طرق ميسورة ومناسبة للتقدم في حياتهم المهنية المستقبلية .

بقي ان اقول ، ان النقلة النوعية الملموسة في أداء وزارة التربية والتعليم خاصة في اصرارها على المضي قدماً وبكل همة ومسؤولية في تطوير منظومة التعليم المهني ، وبمتابعة حثيثة ومباشرة من اعلى المستويات وبتوجيهات شخصية مباشرة من معالي الوزير ، فتلك خطوات مقدرة في الطريق الصحيح ، حيث تسعى إلى توفير البيئة المدرسية المناسبة لتطبيق البرنامج ، بالاستعانة بكافة كوادرها في الميدان والمركز ، ومتابعة تزويد المدارس بكافة المستلزمات والتأكد من الجاهزية ، حيث من الضرورة ان تحتوي المدرسة على مشاغل مجهزة بالتجهيزات الحديثة ومواكبة للتكنولوحيا ، والواقع الافتراضي ، اضافة مصادر ومراجع أدوات يستخدمها الطلاب لتطبيق المواد النظرية التي اعتمدت هذا العام ، وهذا ما وفرته بالفعل وزارة التربية والتعليم في مدارسها المخصصة لتطبيق البرنامج ، مع الاخذ بالاعتبار الى ان المرونة التي يتصف بها هذا البرنامج تسمح بإضافة تخصصات جديدة عند الحاجة لها في سوق العمل وعالم الأعمال ، ما يتطلب توسيع قاعدة العمل المستقبلي وتوفير مزيد من الأدوات الخاصة للبنية التحية والبيئة المدرسية .

وأخيرا فان اختيار وزارة التربية والتعليم لهذا البرنامج هو اختيار موفق ضمن نظرة شمولية لمستقبل ابنائنا، فما يهمنا ان يجد ابناؤنا الطلبة الوظيفة المناسبة بعد الخضوع لتلك البرامج التعليمية والمهارية التي تدعم إيجاد وظيفة أو انشاء مشاريع خاصة أو امتهان حرفة معينة معترف بها من قبل الدولة ، باثبات رسمي لمدى احتراف الطالب في المهارة التي يريد تعلمها أو اتقانها ، ما يؤهله لدخول كافة الجامعات الأردنية في التخصصات المعدة لطلبة الفروع المهنية استنادأ للسياسات العامة لقبول الطلبة الأردنيين في مرحلة البكالوريوس .
وللحديث بقية