يؤكد علماء الاجتماع أن الإنسان مدني بالطبع أي يحب أن يعيش بين الناس ومع الناس ، ولا يجب أن يسكن البادية على فضلها ومزاياها لكن تلك البيئة تعكس على الإنسان البادي قسوتها . حينما خلق اللهُ آدمَ ماذا عساه أن يفعل لو كان وحده رغم انه في الجنة؟ لم ترق الحياة الا بوجود الشريك فكانت حواء .
وكما في الانزواء خسائر وفوائد ، ففي الخلطة إيجابيات وسلبيات . ولهذا فإن الشريعة الغراء رجحت الخلطة والاحتكاك بالآخرين. وهو احتكاك له كلفة منها وجود الأذى من الناس ، ومن هنا جاء التوجيه الإسلامي " ادفع بالتي هي أحسن " أي ادفع السيئة المترتبة على الخلطة بالعمل الحسن ، فمن اساء إليك فمن حقك أن تعامله بالمثل ولكن هناك درجة أعلى للراقين من الناس وهي مقابلة السيئة بالحسنة . وهذا أمر لا يستطيعه اغلب الناس ومع هذا يبقى التوجيه نموذجا" للرقي أن تقابل إساءته بالإحسان، وهو
في الحقيقة درس قاس للمسيئ اذا كانت عنده ذرة فهم وإحساس حيث يبدأ بمراجعة نفسه فربما خجل وربما اعتذر وربما طلب الصفح.
الإسلام دين جاء ليتمم مكارم الأخلاق التي توجد عند كرام الناس مهما كانت عقائدهم ودياناتهم واتجاهاتهم كما قال عليه السلام " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " . لا تظنوا أنني من أصحاب هذه المرتبة العليا ولكن لا بد من المحاولة وعدم اليأس ، فقد تكون في موقف تقابل فيه الإساءة بالإحسان، وقد تكون في موقف اخر تعامل الآخر بمثل ما عاملك فأنت صاحب التقدير .
هذا هو معنى " ادفع بالتي هي أحسن " ولها معنى آخر يستعيره المتحدثون عند الحديث عن دفع الخاوات والضرائب وهو لسان حكومات الجباية وهذا يحتاج إلى مقال آخر في هذا الاتجاه .