facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




احتلال كلمة معناها الاستباحة !!


أحمد سلامة
10-09-2023 08:07 PM

الحلقة الرابعة..
...........................

هي اشياء ثلاثة يستحيل وصفها ( الحب ، والحرب ، والسجن ) ..

واعتقد ان الحرب التي فيها ذلة الهزيمة نتيجتها اقبح من السجن واشد مرارة . لان السجن فيه تقييد للحرية لكن الاحتلال فيه استيلاء على الروح ، فيه افراغ لمعناها
وتصير الاجساد هائمة لا وعي يوجهها ولا عقل يتدبر امرها …

…. كانت خطبة الشيخ احمد الحنبلي في نابلس الذي انتقد فيها جمال عبد الناصر بمرارة واتذكر ان الشيخ كان منسوبًا لحزب التحرير الاسلامي ويناصب اتباعه العداء السافر المتجاوز لكل حد ضد عبد الناصر ويتطاولون عليه بوصمه بالخيانة !!!!

…. لقد حذر الشيخ احمد الحنبلي في خطبته اخر جمعة في احد المساجد الهامة لمدينة الدهر ودرته ( نابلس )
قبل اندلاع الحرب التي جاءت مباشرة يوم اثنين في الخامس من حزيران ..

وحذر بحزن مخزون لا تتبعوا شياطينكم وتقبلوا الثقة بعبد الناصر ، ولقد المح الى ان البلد في خطر ماحق ..

احبة عبدالناصر وكانوا الأكثرية ، قالوا أن السيف عميل للانجليز ويبدو انه مخدر او سكران الذي يشكك بجبروت عروبة عبد الناصر وقدرته اطعام سمك المتوسط من لحم اجساد مواطني الكيان المزعوم …

…. لكن احد عقلاء حزب القوميين العرب من ال ابو غزالة … ( جفل وابدى ضيقا من كل هذي الحوارات ) ولما سُئل امام حشد من المتحاورين بصخب ( همس قائلًا الله يجيب العواقب سليمة )

وكانت جملته المواربة قد تركت حيرة في كل اجواء المدينة ؟!


…… اخر مشهد كان في الذاكرة قبل قرابة الاسبوع من اندلاع الحرب …. جاء مقدم ذو طلة مذهلة الى بديا ، وتفقد الجنود لجيشنا العربي الذين باشروا حفر الخنادق
على طول مدخل الوادي المسمى ( وادي الشيخ علي ) نسبة الى مقام الصوفي الجليل الذي يعلو سفح البلدة ( الشيخ الفقيه علي الدجاني / تكية منذ القرن الخامس عشر ) …

كان الاعمام الاربعة ( شريف ابو حامد/ ابو علي .. وابو الحكم … وابو صبحي العامور ،
ومحمود الظرف / ابو محمد … قد وفدوا لتحية المقدم القادم في زيارة تفقدية
كان ذلك هو البطل القومي المزيد صالح الشويعر قائد كتيبة دبابات تربض في وادي التفاح غرب نابلس ….

بادر ( الختيارية ) سؤال المقدم بعد الترحيب به : يا بيك سامحنا لعدم الخبرة
شو الداعي لحفر هالخنادق هون
احنا ( مش مغربين عليهم ان شاء الله )
كان صالح الشويعر يرحمه الله يتكيء على ( سنسلة / جدار من الحجر الفوضوي ) اول ملك العم ابو صبحي ، تخيل المقادير
حين ذهبت بعد غياب ٤٧ عاما لقراءة الفاتحة لروح الاعمام والوالد وجدت ان قبر العم أبو صبحي قد انتصب في ذات مكان الحوار ذاك …

….. اجاب صالح الشويعر برقة الابطال ،
يا عمي الحاج الحرب كر وفر ولازم نحتاط ، وامسك احد الاعمام بتلابيب سؤال قلق . له يا بيك لاسمح الله ولا نشوفهم بهمتكم احنا رايحين عليهم

وقال صالح … انشا الله رب العالمين بسهلها
ودعوة على وليمة ( مسخن )
اجاب رحمه الله
ان شاء الله يا اعمامنا تخلص هالحرب ونحتفل معا !!!!

….. بعد اقل من اسبوع على هذا الحوار المفعم …

كنت في فناء المنزل على مطالع اذان الظهر يوم الاثنين .. حين مخرت عباب سماءنا
طائرات سلاح جونا الملكي
سرب او اثنين من الهوكر هنتر
كانت تحلق على ارتفاع منخفض جدا
لو انها بطيئة لتمكنت من مشاهدة بطل الامة فراس العجلوني اخر مرة …

.. بيننا وبين قصفها لمطار هيرتزيليا
كان صوت قنابلها المدمرة
ورغم انني قد صعقت فتوتي باصوات الطائرات المزمرة الا اننا امتلانا ثقة وعزة واملا …

وعادت مسرعة كما دكت اهدافها بسرعة

الحق يقال بعد كل هذي السنين ان الاردني قد حرم من سكب بطولته في شرايين الامة تلك اللحظات لان مصر قد كانت انهت صراخها واستعدادها المزعوم للحرب
ودمرت اركان عزتها على الارض في عملية اسهل ما يمكن وصفها انها اهمال دنيء يفوق وصف الخيانة .. وراح الاردن الى قدره يقلع اشواك روحه برمش عينيه

بعد ان وصلنا جند يهود قرابة عصر العاشر من حزيران وكانوا يتمايلون على ايقاع اغنية رهيبة تعني عرفناها لاحقا ( ان عبد الناصر مات والحمد لله ، وهذا حزن لهم وسعادة لنا واطفالهم يلطمون واطفالنا كبروا بسرعة وصاروا رجالا ) !!!

مساء ذلك اليوم وعند اول العتمة
سمعت وقع حصوات ثلاث تاتي من خلف اشجار الصبر في منزلنا حيث كنت اقف
على الحافة لاشاهد احتفال الاحتلال على رؤوس اصابعي من بعيد
لان الشارع ليس بعيدا عن منزلنا ، ولكنه ليس ملاصقا ايضا … كان كوة تسهل الرؤية عبر اشجار الصبر حين سمعت نداءه !!!!

…. كان جنديا اردنيا بكامل هيئته وسلاحه
من جند الححابات الذين اخليت مواقعهم بعد ان فوجئوا ان قوات اليهود قد داهمتهم من الخلف حين زحفوا من نابلس باتجاهنا !!!

قال هامسا

ناديلي ابوك يا شاب !؟

كان صوته يتداخل مع اصوات جند الاعداء
احسست وهو يسند ظهره ببندقيته انه اقوى من كل ذلك الصراخ المتشنج الوافد عن قرب …

احب ان اتخيل ان والدي كان يشمر عن ذراعيه باتجاه الوضوء ..

همست له همسا …
.. يابا

في جندي هكذا لفظتها دون اية صفة ينتظرك عند الصبرة الغربية
هب ابي كمن لسعه ما يوجعه
قال لي وينه ؟!
مشيت امامه
امسك بيده وشده الى داخل الكوة
وانتشله نحوه
تعانقا امامي كانهما اخوة غابا عن بعضهما طوال العمر
وبكى ابي وبكى الجندي

وادخله من توه لغرفة الضيوف
( هيل ) كل فراش المنزل من تحته
وسخنت المي على سرعة فائقة
واستحم …

وناوله والدي قمبازا سكنيا من قنابيزه
وتناول حطة بيضاء وعقال …

وصار الجندي فلاحا مثلنا

وضعت كل ملابسه في ( بقجة ) وامرني والدي ان اذهب بها الى ( مغارة الزحف )
كنا ندخلها زحفا ، القيت بالملابس العسكرية … تعشى الجندي

ووهب والدي البندقية عربون محبة

كان ذاك الجندي ( من الحسبان ) من بلدة حمامة..

شكر والدي ضيفه الذي استاذن بالرحيل ليلا باتجاه الشرق …

وغادر بعد صلاة العشاء

مودعا والدي بدموع موجوعة وكذلك فعل والدي
دله الوالد على خير الطرق كان هو على دراية بما هو مقدم عليه …

….. فهمت وكنت ابن الثاني الاعدادي وقتها
ان تغيير ملابس الجندي الى قمباز
قد افهمني ان الحرب قد انتهت..

الاحتلال

فيه كسرة لا تجبر ابدا
وفيه حسرة لا تفارق من عايشها

ويترك حزنا ليس له اي حد
في روح الانسان …


هل نحن خسرنا حربا ؟!

كما قال الحسين في احدى مقولاته الحكيمة
انا والاردنيين لم تسمح لنا الظروف ان نحارب كما يجب !!

الهزيمة بالاحتلال

تترنخ وترتح في داخلك كانها قدر لا يرد وسكنت فيك الى ابد

….

عام ١٩٩٥ …. زار ايهود باراك وزير خارجية كيان الجيران اليهودي عمان
وكان يمهد للانتخابات التي سيكسبها بعد جولة كسبها ( القبيح نتنياهو لاحقا )

كان معه وفد من عشرات الصحفيين

اليهود يمثلون كل الوان طيف وسائل الاعلام اليهودية !

انني اصر على استخدام صفة اليهودي
للكيان لان قناعتي اضحت ثابتة ان اليهودية والصهيونية الدينية الان وجهان لروح عدوانية ظالمة واحدة !!!
… لم يكن سيدنا المغفور له رحمه الله الحسين بمزاج ليرى فيه صحافة يهودية
وكلفت يومها بتدبر الامر
ووجدنا ميشيل حمارنة رحمه الله وانا ان نعقد حوارًا جامعًا بين ممثلي صحافتنا وصحافتهم !!!

تراس الحوار عن الجانب الاردني في المقر السامي
الاستاذ حورج حواتمة وكان رئيسا لتحرير الجوردان تايمز
وحضر يومها كل قادة الصحافة والاعلام

وابدى رئيس تحرير يدعوت احرونوت
غطرسة في القول
واضطررت الى ردعه بشدة
والسبب لذلك ليس ما قاله
ولكن السبب انني لم اشف من مر الهزيمة
العالقة في النفس منذ سنة ١٩٦٧ م

كان من ضمن الحضور مع الوفد اليهودي اعلامي
ذاع صيته في حرب ٦٧

اسمه ( شاؤول منشيه )

وهو يهودي عراقي على ما اعتقد يتقن اللغة العربية بعناية واسند اليه مهمة بث البيانات التحريضية لتكريس روح الهزيمة في النفوس …

وما ان سمعت صوته
يجري مداخلة بدت محتشمة
لكن روح النكسة المعشعشة
هي من جعلتني ارد بصورة
خرجت يدعوت احرونوت في افتتاحيتها اليوم التالي
( تقول حصرم السلام الهاشمي لم ينضج بعد وراء الابواب المغلقة )


للقصة تتمة تفصيلية لا داعي لتذكرها
فقط وددت القول
ان مجرد سماع صوت ياتيك بذكرى رياح النكسة
يفقدك توازنك ولو بعد حين …

كان اول نور طغى على انسانيتي حين قطعت الجسر قادما للجامعة الاردنية
لحظة ان توهجت يد الجندي الاردني عام ١٩٧٢ م
على يسار الجسر في خندق
الحجابات ولم استطع ان افرق بين اليد وبين البندقية من شدة الحزم

لحظتها احسست فقط ان روحي ردت الي بعد خمس سنوات من النكسة

كان الانعتاق من توطن القهر لم يبخره
الا الجندي
الى الجندية الحقيقية
التي شعارها
( العربي )

لان العروبة لا حل سواها وليست هي فقط الحل..

سلامة يكتب: معصرة الزيت .....

الميلاد .. عفو ملكي ووجع...

مع الحياة .. ذكريات عابرة





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :