البخيت في حكومته الثانية .. هل يتجاوز أخطاء (الأولى)?
فهد الخيطان
02-02-2011 03:26 AM
الرئيس المكلف يتولى المسؤولية في مرحلة حساسة تستدعي أداء مختلفاً .
اسرع مما كان متوقعا حصل التغيير, فمن تابع زيارة رئيس الوزراء المستقيل سمير الرفاعي الى الزرقاء امس الاول ولقاءه الفعاليات الشعبية ما كان ليعتقد انه سيرحل في اليوم التالي. لكن هذا هو حال السياسة في الاردن فكم من تغيير وزاري انطوى على مفارقات ما زالت حاضرة في اذهان الكثيرين.
منذ ان بدئ الحديث عن تغيير حكومي قبل اسابيع برز اسم الرئيس المكلف معروف البخيت. للوهلة الاولى بدا الخيار ضعيفا لا بل وغير منطقي في نظر البعض, لكن شخصيات قيادية بارزة في الدولة دفعت بقوة نحو هذا الخيار باعتباره الانسب في نظرهم.
البخيت هو اول رئيس وزراء سابق في عهد الملك عبدالله الثاني يعود الى كرسي الرئاسة مرة اخرى ليكسر بذلك التقليد السائد في العهد الجديد القائم على استبعاد الرؤساء السابقين من قائمة الترشيحات لرئاسة الحكومة.
بهذا المعنى فإن البخيت الذي شكل حكومته الاولى اواخر عام 2005 هو اول رئيس وزراء سبق للاردنيين ان اختبروه من قبل, وتعايشوا مع حكومته قرابة السنتين.
لم تكن تجربة البخيت الاولى سهلة لكن مهما واجه من صعوبات فإنها تبقى نزهة مع ما ستواجهه حكومته الحالية.
بدأ البخيت عهده الاول مندفعا وطموحا, لكن سرعان ما دخل في صراع على الولاية العامة مع رئيس الديوان القوي آنذاك باسم عوض الله ومدير المخابرات العامة النافذ محمد الذهبي, لم تصمد حكومة البخيت في المواجهة وسرعان ما بدأت تضعف حتى انتهت ضحية لهذا الصراع.
يؤخذ على البخيت في حينه انه لم يخض معركة الولاية العامة بالقدر اللازم من الشجاعة, واستسلم لسياسة توزيع الصلاحيات واعتمد على فريق وزاري ضعيف ارتكب اخطاء كلفته الكثير من شعبيته لاحقا.
والأسوأ من ذلك كله انه تنازل عن حقه الطبيعي في ادارة الانتخابات البلدية والنيابية لاطراف اخرى فكانت اسوأ انتخابات في تاريخ الاردن. وظلت تهمة التزوير تلاحق حكومته الى الآن.
لم يكن البخيت او فريقه الوزاري طرفا في التزوير هذا, لكنه تحمل المسؤولية الدستورية والسياسية عما حصل في تلك الانتخابات.
وبعد رحيل حكومته لاحقته قضية "الكازينو" التي بدت في اعين الناس فضيحة من العيار الثقيل ما زال ملفها مفتوحا لغاية الآن والمتوقع ان تبرز الى الواجهة من جديد مع تكليف البخيت بتشكيل الحكومة.
ومن المآخذ الرئيسية على البخيت انه بطيء ومتردد في اتخاذ القرار وادت هذه السياسة الى تحول مشاكل صغيرة في عهده الى ازمات كان بالامكان تجنبها باجراءات سريعة وحاسمة.
ايا كان رأينا في تجربة البخيت ينبغي ان لا تكون حكما مسبقا على عهده الجديد. لا شك انه تعلم الدروس منها واستخلص العبر وقد سمعته اكثر من مرة يجري ما يشبه النقد الذاتي لتلك التجربة, والرجل يملك من القدرة والخبرة ما يؤهله لتقديم اداء مختلف اذا ما احسن اختيار الادوات والتقاط اولويات المرحلة الدقيقة والحساسة. فالبخيت يأتي على وقع تحولات كبرى في المنطقة توحي بمرحلة جديدة عنوانها ثورات شعبية من اجل الديمقراطية والحرية وحكم القانون.
والبخيت يتولى المسؤولية فيما القوى الاجتماعية والسياسية في البلاد تطالب بالتغيير في السياسات ولا تبدو مستعدة هذه المرة للمساومة على مطالبها.
لا يستطيع البخيت بالطبع ان يظل متمسكا بمواقفه تجاه قضية الاصلاح السياسي التي وضع لها برنامجا على مدار ثلاثين عاما فكتاب التكليف السامي واضح وصريح ويطالبه بـ "خطوات عملية وسريعة وملموسة لاطلاق مسيرة اصلاح سياسي حقيقي" واجراء عملية تقييم شاملة واطلاق آلية لحوار وطني شامل للتوافق على قانون انتخاب جديد.
وفي الطريق سيواجه البخيت برلمانا عنيدا سيسعى للثأر لكرامته بعد ان منح ثقة قياسية لحكومة الرفاعي التي رحلت بعد اربعين يوما من حصولها على 111 صوتا.
تغيير الأشخاص ليس مطلبا بحد ذاته انما هو مدخل لتغيير في السياسات. فهل تكون حكومة البخيت هي المفتاح?0
fahed.khitan@alarabalyawm.net
(العرب اليوم)