بحاجة ماسّة إلى تغيير اللهجة!
رنا شاور
02-02-2011 03:20 AM
لأن مزاج الحالة العامة لا مزاج فيه، فإنك إن بادرت أيّا ً بالسؤال تجده في حال زهق وملل وإحباط، وحتى أدع مجالا ً للتفاؤل سأختار لمقدمة المقالة الجزء المشرق لقصيدة أحمد مطر «أمس اتصلت بالأمل»:
قلت له : هل ممكن؟ أن يخرج العطر من الفسيخ والبصل؟
قال: أجل.
قلت: وهل يمكن أن تشعل النار بالبلل؟
قال: أجل.
قلت: وهل من حنظل يمكن تقطير العسل؟
قال: أجل.
قلت: وهل يمكن وضع الأرض في جيب زحل؟
قال: نعم، فكل شيء محتمل.
أمامنا منغّصات كثيرة ونحتاج إلى قرار طارئ لتغيير في اللّهجة كي ننقذ أرواحنا؟، بمعنى أكثر وضوحا ً أن نعاود افساح مكان في النفس للرضى. لقد أصبحت الشكوى من كل شيء حالة عامة، وداخل أي منا بات يخيّم عدم الارتياح حتى يستحوذ علينا.. وأقصد بأنه يستحوذ أننا في الغالب نشتكي فقط طالبين الخلاص وغير معنيين بتقديم مبادرات أو البحث عن حلول للتغيير.. ففي الحياة العامة أفراد الأسرة يتذمرون والزوج يشكو من زوجته وهي تتذمر من تصرفاته والأبناء لا يعجبهم العجب .. وفي العمل يتذمر الموظفون والمديرون.. في المطعم يشكو الزبائن من الخدمات وفي الشارع ينزعج السائق من الطريق والمارة من السيارات، وقس على ذلك ما شئت.
الشكوى لازمة والانتقاد صفة ملازمة ولا شيء يُعجب أحدا ً حتى أصبحت الشكوى منهاجاً يوميّا ً.
إنه الوقت المناسب لقول الحقيقة، إننا نمتلك قاموسا ً هجوميّا ً أكثر بكثير من القاموس التسامحيّ.. هذا الذي يضم مفردات الرضى والإشادة ويحملنا إلى تقديم المقترحات وعرض المبادرات وطرح البدائل، لكننا نمر سريعين بما يمكن أن يجعلنا سعداء ويضحى القاموس جافا ً أمام ما يستحق الثناء.
حقي في رفض الخطأ محفوظ، لكن هذا لا يمنع أن أتوقف لأتعرّف على الايجابيات وأتحدث عن الجماليات وأن لا أعتبر ذلك من الكماليات. حقي في الشكوى محفوظ، لكن ليس حد الجفاف ومحاولات الالتفاف على الأشياء. حقي في الاعتراض على ما يستنفر حواسي أيضا ً محفوظ، لكن دون أن أقرأ القبح في معاني الجمال لمجرد أني استمرأت ذلك وتعوّدت عليه.
يسوءني زميلي أو صديقي أو قريبي وأنا أسوأ بكثير مما أعتقد، أغضب من زوجتي وأنا أرفل بذكورية فارغة، أنتقد الخدمات وأستنكر التصرفات وأشتكي قافزا ً من فوق الايجابيات. نتذمر حتى من الطقس، ومن لا يشتكي ويتذمر في طريقه إلى ذلك بسبب العدوى ..هل أصاب اليباس أرواحنا؟!. اننا في حاجة إلى قرارٍ طارئ لتغيير اللهجة، أن نتصل اليوم بالأمل.
(الرأي)