نعم لعلاقات أردنية - روسية أقوى
د.حسام العتوم
10-09-2023 02:11 PM
المتابع للرسم البياني و للطاولة الرملية للزيارات الأردنية الملكية لموسكو ، و الرئاسية الروسية للأردن ، ولملف العلاقات الأردنية – الروسية في السنوات الأخيرة لابد و أن يلاحظ بأنها من الممكن أن تتواصل قوية ، تماما كما بدأت و تصاعدت مع مرور زمن ناهز الستين عاما ، و المعروف هو بان مليكنا الراحل العظيم الحسين بن طلال "طيب الله ثراه" هو من ثبت مداميك العلاقات الاردنية – الروسية في زمن الزعيم السوفيتي نيكيتا خرتشوف و هيجان الحرب الباردة عام 1963 ، وتحديدا بتاريخ 21 / أغسطس منه ، ولقد زار الحسين موسكو ، و سانت بيتر بورغ ، و سوتشي التي زرع شجرة الحياة في حديقتها المشهورة " ديندراره " ، و بدأت زيارات جلالة الملك عبدالله الثاني "حفظه الله" لموسكو منذ عام 2001 ، و استمرت منتظمة ، ومكالمة هاتفية لجلالته في زمن جائحة كورونا " كوفيد 9 " ، و حصول الأردن وقتها على اللقاح الروسي المضاد " فاكتسينا " الذي ثبت مفعوله في الداخل و الخارج الروسي و بنجاح ، وحقق شهرة عالمية ، و زيارتين رئاسيتين لرئيس روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين عامي 2007 و 2012 زار خلالهما منطقة المغطس بعد العاصمة عمان ، وهي التي تعمد فيها ، وفي نهرها الأردن الخالد ، السيد المسيح عليه السلام بإعتراف " الفاتيكان " ، وهو المكان المقدس المرشح خاصة بعد شروع الأردن بإقامة متحف ديني كبير هناك بأن يصبح قبلة لأتباع الدين المسيحي ، وهو المرحب به أردنيا ، و تفقد الرئيس بوتين حينها الكنيسة الروسية التي أقيمت على قطعة من الأرض قدمها للجانب الروسي الصديق ، و لهذه الغاية ، جلالة الملك عبدالله الثاني ، و سبق للرئيس الأسبق بوريس يلتسين أن زار الأردن عام 1999 ، وزار الأردن الرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف عام 2011 .
لقد توقفت الزيارات الملكية إلى موسكو ، و الروسية الرئاسية إلى عمان ، تخللها زيارة لوزير خارجية روسيا المخضرم سيرجي لافروف لعمان عام 2022 ، إلتقى خلالها جلالة الملك وواصل طريقه إلى الإمارات ، وزيارات لرؤساء عرب في زمن الحرب لموسكو مثلت ( الأمارات ، و فلسطين ، و الجزائر ) ، و موقف الأردن الرسمي من( الحرب الأوكرانية ) ظهر محاديا ، و اقترب من مشهدها محاورا عبر الخارجية الأردنية التي يتقدمها وزير الخارجية القدير السيد أيمن الصفدي ، الذي التقى بدوره وزير خارجية روسيا لافروف في موسكو ، ووزير خارجية أوكرانيا دميترو كوليبا في وارسو ، منفردا و ضمن وفد للجامعة و للخارجية العربية ، و أردنيا نعتبر بأن الحرب الأوكرانية ليست حربنا و ليست كذلك بالنسبة للعرب ، لكن أضرارها لحقت بنا جميعا ، وهي التي ندعو لها بان تضفي إلى سلام عادل ، وزيارة للخارجية السعودية للعاصمة الأوكرانية " كييف " ووقفة تعاطف مادية مع الدولة الأوكرانية و شعبها ، و إستضافة سعودية للرئيس الاوكراني فلاديمير زيلينسكي لداخل قمة العرب في السعودية تحدث فيها عن قضية بلاده الأخيرة ، و رسالة للرئيس فلاديمير بوتين للقمة عبرت عن موقف روسيا الثابت مع قضايا العرب .
يصعب القول بأن الولايات المتحدة الأمريكية التي تقود دول الغرب ، و شمال الغرب ، و تؤثر عليهم بقوة خاصة بموضوع " الحرب الأوكرانية " أو التي هكذا تسمى شيوعا ، باتت تؤثر على المناخ الخارجي للأردن و لعموم العرب ، ويواصل الأردن إقامة علاقات إستراتيجية ثابتة مع موسكو ، و كذلك العرب ، و استقبال دافئ لموسكو و للرئيس بوتين للرؤساء العرب و للخارجية العربية و للجامعة العربية ، و بشكل ملاحظ ، و روسيا الرسمية تعتبر العرب الشرق الاقرب إليها ، و تراهن على دور متقدم للأردن الرسمي في التموضع وسط علاقاته الأقليمية و الدولية ، و يهمنا في الأردن الحضور الروسي في الجانب العربي السوري المجاور ، ولقد قالها جلالة الملك عبدالله الثاني بعد إندلاع "الحرب الأوكرانية" بأن الحضور الروسي في سوريا كان هاما ، مشيرا جلالته إلى أن في خروج روسيا من هناك أحدث فراغا أمنيا لحدودنا الشمالية ، وهي التي تعاني من إضطرابات متداخلة و كثيرة .
ولقد أوضح الجانب الروسي الرسمي المقصود بالحرب الأوكرانية، و شخصيا رصدت ذلك عن قناعة في كتابي الثالث في شأن السياسة الروسية و الدولية المكون من حوالي 400 صفحة ، و الذي ظهر هذا العام 2023 بعنوان "الحرب الروسية – الأوكرانية ومع " الناتو" بالوكالة ، و شارك في صياغة تقدمته و بشجاعة دولة الرئيس الصديق طاهر المصري ، وشكر صدروه وو صوله لطرفه صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال " أعطاه الله العافية و طول العمر " ، أوضحت فيه الحرب على شكل محطات سياسية هادفة ، بدأت بإرتكاز الروس على مادة ميثاق الأمم المتحدة رقم 751 ، و الشروع في تحريك عمليتهم العسكرية الإستباقية الدفاعية التحريرية بقرار جماعي لقادة قصر " الكرملين " الرئاسي تقدمه قرار الرئيس بوتين ، و لقد إلتقطت موسكو حجم المؤامرة عليها مبكرا ، وهي التي قادت الاتحاد السوفيتي و قدمت الأستقلال لأوكرانيا " كييف " عام 1991 لكي تبقى السند للمنظومة السوفيتية السابقة ، ولمجموعة "CNG" التي تشكلت بعد إنهيار الاتحاد ، لكنها أي " كييف " حركت جمر تيارها -البنديري - المتطرف من تحت الرمال الأوكرانية ، عندما إشتركت مع أمريكا و الغرب لوجستيا عبر الثورات البرتقالية منذ عهد الرئيس الأوكراني ليونيد كوجما عام 2007 ، ومن خلال إنجاح إنقلاب " كييف " غير الشرعي حسب موسكو عام 2014، و الذي هدف للإطاحة ليس بآخر رئيس أوكراني مثل فيكتور يونوكوفيج، الذي كان بإمكانه عدم ترك السلطة و الإستنجاد بروسيا، ولكن لإجتثاث روسيا من كامل الأراضي الأوكرانية المجاورة و المحاددة و تحويلها لحديقة خلفية لحلف "الناتو" المعادي لروسيا و للحرب الباردة المستعرة، وهو الأمر الذي واجهته روسيا العظمى بحزم عبر إسترجاع حقها التاريخي في (القرم و الدونباس ) مع إبقاء الباب مواربا حول "كييف" العاصمة ، التي تعتبرها أيضا جزءا من حقها التاريخي ، و تباكي الغرب الأمريكي على سيادة أوكرانيا في غير مكانه ، و ودفعه بالسلاح و المال الأسود و بمبالغ مبالغ فيها تجاوزت 200 مليار دولار عمل إستراتيجي غير صائب، الأصل أن يحاكم عليه دوليا، و بوابة إسترجاع الحقوق الدولية هي مؤسسات القانون الدولي الكبيرة ( الأمم المتحدة ، و مجلس الامن ، و المحكمة الدولية ) التي تم إختراقها للأسف من قبل أمريكا و الصهيونية العالمية ، و لقد أشار دولة طاهر المصري في تقدمة كتابي أعلاه إلى أن هدف "الحرب الاوكرانية" هو الصين عبر تحجيم روسيا .
نعم روسيا دولة عظمى ، ومن أكثر أقطاب العالم تفهما وتطبيقا للقانون الدولي ، و ليس كما يدعي الغرب ، و يتخندق داخله، و يعتبر روسيا تتجه بعكس السير ، و المملكة الأردنية الهاشمية دولة عربية هامة تتمركز في صدارة العرب من زاوية الجيو – سياسيا، وهي الأقرب لقضية فلسطين العادلة التي تدعهما روسيا بقوة و بوضوح ، و الأكثر إهتماما بعد فلسطين الشقيقة بقضايا العرب الإحتلالية ، لذلك بادر في صناعة قرارها الاممي 242 ، بهدف دحر الإحتلال الإسرائيلي ، و لإقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة ، تكون عاصمتها القدس الشرقية مع التمسك بحق العودة أولا و التعويض ثانيا ، و التمسك بضرورة تجميد الأستيطان اليهودي غير الشرعي فوق الأراضي العربية المحتلة ، وقادت المملكة العربية السعودية بعد ذلك المطالبة ومنها خلال قمتها العربية لعام 2023 التي تقدمها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بعودة ( إسرائيل ) لحدود الرابع من حزيران لعام 1967 .
والأردن معني بعلاقة أقوى وأفضل مع روسيا - الميزان الدولي – ومع ايران، ولنا مصلحة وطنية في حماية حدودنا في الشمال من موجات الإرهاب و المخدرات ، و لتطوير شبكة مواصلاتنا الداخلية ، وروسيا قادرة على تزويد الأردن بقطار يربط عمان العاصمة بالعقبة ، و لأغراض سياحية ، و لدعم مؤساتنا الطبية الهامة ، و مؤسستنا العسكرية الموقرة كذلك ، و لفتح أبواب المنح الدراسية بحجم تلك التي كانت في عهد الاتحاد السوفيتي ، و الاردن إلى جانب العرب شاكر لروسيا الصديقة على ما قدمته في مجال التعليم المجاني لطلبة الأردن والعرب ، ومشكلة توقف طيران "الملكية الأردنية" بين عمان و موسكو وبالعكس ، إلى جانب توقف " الأيرفلوت " الروسية بنفس الإتجاه، الاصل أن تجد حلا جذريا ، ونعلق الأمل من جديد وطنيا في الأردن، وعلى مستوى تقدم العلاقة مع روسيا لتطوير السياحة الدينية و العلاجية ، و بقصد الإستجمام ، و التعرف على حضارة بلدينا الصديقين العريقة .